للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجملة، ولكن بشرطِ النِّيَّة - فإنّ الاصطيادَ ذكاةٌ والنِّيَّة فيها شرطٌ كما تقدَّم،- وذِكرِ اسمِ الله، على ما تقدَّمَ في الذّبائح.

تنبيه على وهمٍ:

قال بعضُ علمائِنَا (١): إنَّ العِقبَانَ والبُزَاة والصُّقور ليست من الجوارح، قال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} (٢) وإنّما هي الكلاب.

الجواب: قلنا له: هذه وهلةٌ لا مرد لها، وأينكَ من الحديث الصّحيح، حديث عَدِي بن حَاتِم قال: سَألْتُ رَسُولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - عَنْ صيدِ الْبازِي، فَقَالَ: إِذَا أَمسكَ عَليكَ فَكُلْ" (٣).

وزَعمَ بعضُ العلّماءِ أنّ الجوارحَ: ماجرح من الكلاب والطّير، وذوات الأظفار: الّتي تجرح بأظفارها وتمسك على نفسها.

وأنكرَ بعضُ الأشياخِ هذا وقال: الجوارحُ هي الكواسِبُ، يقال فلانٌ جارحةُ أهلِهِ، أي كاسبهم، وقد صرَّح القرآنُ العزيزُ بذلك في قوله: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} الآية (٤)، أي اكتسبوا.

وقال مجاهد (٥) في قوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} (٦) أي: ما كسبتم.

الفقه في ثلاث مسائل:

الأولى في صفة الجارح، الثّانية في صفة المعلَّم، الثّالثة في معنى الأمساك على الصائد.


(١) لعلّ المراد هو التابعي مجاهد بن جَبْرُ كما نصّ على ذلك ابن عبد البرّ في الاستذكار: ١٤/ ١٨٧ (ط. هجر). ولم نجد هذه الرِّواية في ما استمطعنا الوقوف عليه من مصادر التفسير والحديت.
(٢) المائدة: ٤، وانظر أحكام القرآن: ٢/ ٥٤٦ - ٥٤٩.
(٣) أخرجه أحمد: ٤/ ٢٥٧، والترمذي (١٤٦٧)، وأبو داود (٢٨٤٥ ع) من طريق مجالد عن الشّعبيّ عن عدِيّ بن حاتم.
(٤) الجاثبة: ٢١.
(٥) في تفسيره: ١/ ٢١٧.
(٦) الأنعام: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>