للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتّعليمُ عندنا ثلاث مرَّات، إذا أَرسَلنَهُ يقَتلُ الصَّيدَ فلا يأكل منه، وهذا قولٌ معروفٌ.

وقال (١) مالك (٢): وليسَ بشرطٍ أَلَّا يأكلَ منه، وهو شرطٌ في تعليمه عند أبي حنيفة (٣) والشّافعيّ (٤).

وبالقَولِ الأ وَلِ قال سَلمَان الفارسيّ، وسَعدُ بن أبي وقَّاص، وعليُّ بن أبي طالب وأبو هريرة.

واستدلّ علماؤُنا بقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (٥) قالوا: فما بَقِيَ بعدَ الأكلِ فهو ممّا أمسك علينا.

ومن جهة القياس: أنّ قتل الجوارح ذَكاةٌ يُستَبَاح الصَّيدُ بها، فلا يفسد باكله منه، أَصلُ ذلك إِذا ذَبَحَ.

وأمّا من تعلَّقَ بالمنع، فذلك بما رُوِيَ عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - من حديثِ عَدي بنِ حَاتِم أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: إِذَا أَرسَلتَ كَلبكَ المُعَلَّمَ وَذَكَرتَ اسمَ اللهِ علَيهِ فَكُل، وإن قَتلَ فَأَكَلَ فَلَا تَأكُل فإنَّمَا أَمسَكَ عَلَى نَفْسِهِ" (٦). وهذا الحديثُ صحيحٌ، والأخذُ به واجبٌ، غيرَ أنّه عامٌّ، فَنَحملُهُ على الّذي أدركه مَيتًا من الجري أو الصدم فيأكل منه، فإنّه قد صار


(١) من هاهنا إلى آخر المسألة مقتبسْ من المتقى: ٣/ ١٢٤.
(٢) في المتقى: "قال مالك وأصحابه".
(٣) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٢٠٢.
(٤) في الأم: ٢/ ٢٤٩، وانظر الحاوي الكبير: ١٥/ ٧.
(٥) المائد ة: ٤.
(٦) سبق تخريجه صفحة: ٢٥٨، التعليق رقم: ٢ من هذا المجلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>