للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على صفه لا يتعلّق بها الإرسال، فلذلك لم يكن مُمسكًا علينا، يُبَيِّنُ هذا قولُه - صلّى الله عليه وسلم -: "مَا أَمسَكَ عليكَ فَكُلْ" (١)، فَإنّ أَخذَ الكلبِ ذكاةٌ، والحديثُ واحدٌ، وإذا كان أخذه ذكاة، ومعنى الذَّكاة أنّ تُبيحَ المُذَكَّى، فلا يفسده ما وُجِدَ بعدَ ذلك من أكلٍ وغيرِهِ (٢)، وإنّما ذكرنا هذا، لإنكار من أنكرَ قول مالك ومُخَالَفَتِهِ (٣)، وإنّمَا تأؤله على وجه سائغٍ ودليل بَيِّنٍ من اتِّفاق علماء الصّحابة

المسألةُ الثّالثة (٤):

وأمّا معنَى الإمساك علينا، فقد قال ابنُ القصّار: إنْ معناه: أنّ يمسك بإرسالنا، وهو على أصولِنَا بَيِّنٌ؛ لأنّه لا نِيَّةَ له، وإنّما يصيدُ بالمُعَلَّم، فإذا أرسله فقد أمسك عليه، وإذا لم يرسله فلم يمسك عليه (٥).

وقال ابنُ حبيب: معنَى قولِه تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (٦) ممّا صدنَ لكم.

فرعٌ (٧):

فإذا ثبت ذلك، فإنَّ الكلبَ إذا لم يُرسَل، وصادَ بإرسالِهِ، فلا يُؤكَل ما قَتَلَ،


(١) سبق تخريجه صفحة: ٢٧١، حاشية رقم:٣، من هذا الجزء.
(٢) تتمّة العبارة كما في المنتقى: "كما لو ذبحه الصائد، ثمّ أكل منه الكلب، ويحتمل أنّ يريد بقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "فإن أكل فلا تأكل، إِلَّا أنّ يوجد منه غير مجرّد الأكل دون إرسال الصائد له، ويكون قوله: " فإن أكل فلا تأكل" مقطوعًا ممّا قبله، والله أعلم".
(٣) أي مخالفته لابن عمر.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٢٤.
(٥) انظر المعونة: ٢/ ٦٨٨.
(٦) المائدة: ٤.
(٧) هذا الفرع مقتبس من المنتقى: ٣/ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>