للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكأنه إنّما كرِهَ الاسْمَ. وقال "من وُلِدَ له ولُدٌ فَأَحَبَّ أنّ يَنسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَليَفعَلْ" (١).

وما روي عنه أنّه قال: "الغُلَامُ مُرتهنٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذبَحُ عنهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، ويُحلَقُ رَأسُهُ وَيُسَمَّى" (٢)، يدلُّ على وُجوبِها.

وتأويلُ ذلك عند علمائنا: أنّ ذلك كان في أوّل الإسلام، ثمَّ نُسِخَ ذلك بعدُ بقوله: "مَنْ أَحَبَّ أنّ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَليَفْعَلْ" فسقَطَ الوجوبُ.

ومِنَ العلّماءِ من تعلّق بما يدلُّ عليه الحديث المذكور وغيره من الوُجُوبِ، فَأَوْجَبَ العَقِيقَةَ، وقال: من لم يُعَقّ عنه وهو صغيرٌ يُعَقَّ عنه وهو كبيرٌ، ؤيلزمُهُ أنّ يفعلَ ذلك بنفسِهِ، على ما رُوِي أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعدَمَا جَاءتهُ النُّبُؤَّة (٣)، ولم يصحّ ذلك عندَ مالك لا سَنَدًا ولا نَقْلًا (٤) وأَنكَرَهُ وقال (٥): أرأيتَ أصحابَ النَّبِيِّ - صلّى الله عليه وسلم - الّذين لم يُعَقّ عنهم في الجاهليَّةِ، أَعَقُّوا عن أَنفسهم في الإسلام؟ هذه الأباطيل.

المسألةُ الثّانيةُ (٦):

إذا ثبت ذلك، فإنّ قوله (٧) "فَأَحَبَّ أنّ يَنْسُكَ عَنْهُ" يقتضي أنّ ذلك في مال الأب عن ابنِهِ، فلو كان للمولودِ مالٌ لكان الأَظهر عندي أنّ تكون العقيقة في مال الأب،


(١) أخرجه مالك في الموطَّأ (١٤٤١) رواية يحيى.
(٢) أخرجه التّرمذيّ (١٥٢٢) وقال: حسن صحيح. وانظر تعليقنا رقم ٣ صفحة: ٤٠٧.
(٣) أخرجه ابن المديني في العلّل (٥٨)، والطبراني في الأوسط (٩٩٨)، والروياني في مسنده (١٣٧١) والبيهقي (١٩٠٥٦)، والضياء في الأحاديث المخنارة (١٨٣٣) وصححه، وقال الهيثمي في المجمع: ٤/ ٥٩ "رجال الطبراني رجال الصّحيح، خلا الهثم بن جميل وهو ثقة، وشيخ الطبراني أحمد بن مسعود الخياط المقدسي ليس هو في الميزان". وقال ابن حجر في الفتح: ٩/ ٥٩٥ "لا يثبت".
(٤) "لا سندًا ولا نقلًا" من زيادات المؤلِّف على نصّ المقدِّمات الممهِّدات.
(٥) قاله في العتبية: ٣/ ٢٩١ في سماع أشهب وابن نافع عن مالك، رواية سحنون.
(٦) هذه المسألة مقتبسة من المتنقى: ٣/ ١٠١.
(٧) في حديث الموطَّأ (١٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>