للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرَّم اللهُ الخمرَ في مُحكمِ كتابِهِ وعلى لسانِ نبيِّهِ - صلّى الله عليه وسلم -، روى مسلم في "صحيحه" (١) أنّ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنِ التَّدَاوِي بالخّمرِ فَقَالَ: "إنَّهَا لَيسَت بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهَا دَاءٌ".

واختُلِفَ في الخمرِ هل ينطلقُ على كلِّ شرابٍ مسكِرٍ، أو يختصُّ بعصيرِ العنبِ وحدَه؟

قال القاضي: وإنِّي لأعجب ممّن قال ذلك من الفقهاء، ومن سلف من علماء من مَضَى، مع أنّ الصّحابةَ -رضوان الله عليهم- لمَّا حرِّمت عليهم الخمرُ أراقوها وكسرُوا دِنَانَها، وبادروا إلى امتثال الأمرِ فيها، مع أنّهم لم يكن عندهم بالمدينة خمرٌ من عصيرِ العنب، وإنّما كان جميعُه نبيذَ تمرٍ.

وقد رَوَى المصنّفون (٢) عن النُّعمان بنِ بشيرٍ؛ أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ مِن الْعِنَبِ خَمرًا، وَمِنَ الزَّبِيبِ خَمرًا، وَإنَّ مِنَ البُرِّ خَمرًا، وَإِنَّ مِنَ الشَّعِيرِ خَمرًا، وَإِنَّ مِنَ العَسَلِ خَمرًا، والخمر مَا خَامَرَ العَقلَ".

وفي "الصّحيح" أنّ عمرَ قالَهُ على المنبر، وكان يستشهد به ويُنبّه عليه وهو على المنبر (٣).

وقا وقع في القرآن تحريمُها بحيث لا يَخفَى على ذي لُبٍّ حاضرٍ ولا قلبٍ سليمٍ،


(١) الحديث (١٩٨٤) من حديث وانل الحضرمي.
(٢) أخرجه أحمد: ٤/ ٢٦٧، ٢٧٣، وأبو داود (٣٦٧٦ - ٣٦٧٧ ع)، وابن ماجه (٣٣٧٩)، والتّرمذي (١٨٧٢) وقال: "هذا حديث غريب"، والنسائي في الكبرى (٦٧٨٧)، وابن حبّان (٥٣٩٨)، والطبراني في الأوسط (٨٧١٨)، والدارقطني: ٤/ ٢٥٣، والحاكم: ٤/ ١٤٨ وقال: "هذا حديث صحيح الإيناد ولم بخرجاه"، وأبو نعيم في الحلية: ٧/ ٣٢٧، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق: ١/ ٣٨٥، وتاريخ بغداد: ٤/ ٤٢٦.
(٣) أخرجه البخاريّ (٥٥٨١)، ومسلم (٣٠٣٢) من حديث ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>