للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك قولُه تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} (١).

وقد لعنَ رسولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - في الخّمْرِ عشرةً (٢): الخمر عاصرَها، وبائعَها، ومُبْتَاعَها، وشاربَها، وساقِيَهَا، وحامِلَها، والمحمولَة إليه، وشاهِدَها (٣).

وفي الصّحيحِ المشهورِ والخبَرِ المَأثورِ عن سيد البَشرِ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ البِتعِ. وَهُوَ نَبيذٌ يُصنَعُ مِنَ العَسَلِ. فَقَال: "كُلُّ شَرَابٍ أَسكَر فَهُوَ حَرَامٌ" (٤)، فأجاب النَّبىُّ - صلّى الله عليه وسلم - على الجنس لا على القَدْرِ

وسمعتُ عن بعضِ العلّماءِ من أصحاب أبي حنيفة أنّه قال: لو جُعِلَ السَّيفُ على رأسي أنّ أشرب النَّبِيذَ ما شربتُه، ولو جُعِل السَّيفُ على رأسي أنّ أحرِّمَه -يعني النّبيذ- ما حرّمتُه، لأنّ أصحاب النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - شرِبُوهُ.

وهذا القولُ لا يَصِحُّ، ما شربَهُ قطُّ أحدٌ منهم بعد ما حُرِّمَ، إنّما الّذي ثبت عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كانَ يُنْبَذُ لَهُ فَيَشرَبَه، فَإِذَا تَغيَّرَ سَقَاهُ الخَدَمَ (٥)، يريد أنّهُ تغيّر ولم يبلغ حدَّ الإسكار.


(١) المائدة: ٩١.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٣٣٨١)، والترمذي (١٢٩٥) وقال: "هذا حديث غريب من حديث انس، وقد رُوى في نحو هذا، عن ابن عبّاس، وابن مسعود، وابن عمر، عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - "وقال ابن حجر في تلخيص الحبير: ٤/ ٧٣ "رواته ثقات".
(٣) قوله: "وشاهدها، والدّال عليها، وخازنها" لم نجده في المصدرين السابقين ولا في الكتب الحديثية الّتي استطعنا الوقوف عليها.
(٤) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢٤٥١) رواية يحيى، والبخاري (٢٤٢)، ومسلم (٢٠٠١) من حديث عائشة.
(٥) أخرجه مسلم (٢٠٠٤) من حديث ابن عبّاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>