للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحكام المعلَّقةِ على الجُملِ الشَّرعيَّةِ من الشّهادات والغَصْبِ والسَّرقة.

وعند أبي حنيفة (١): أنّ الحكمَ معلَّقٌ على الكَأس المُسْكِر، كتحريم الإِتِّخام معلَّقٌ على اللُّقمة العاثرة، وخُصَّتِ الخمرُ عندَه بالنَّصِّ المتناول لجميعها.

وناقض أبو حنيفة بأن قال: إنّ قليلَ الأنبذةِ إنَّما يجوزُ بنيَّةِ التَّداوِي، وإن شَرِبَهُ بنيَّةِ الإِطرابِ حَرُمَ. ولو كان حلال الجِنْسِ لمّا حرَّمَتْهُ نيَّة الإِطرابِ كشراب الجُلّاب.

وناقض أيضًا بأن قال: إنّه يجوزُ شُربُهُ ما لم يُسكِر، وجعل حدَّ الإِسكار ما لم يفرّق بين السَّماء والأرض. فَمَزَجَ الحلال بالحرام، ولن يصلَ المرءُ إلى هذا المقدار إِلَّا وقد دخل في التّحريم.

قال القاضي - رضي الله عنه -: وللمسألة أربعُ مبادئ وثمان غاياتٍ:

١ - المبدأ الأوّل: مسلك الأخَبارِ في المسألةِ

رُوِيَ عن النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - مِنْ طُرقٍ لكنَّها ليست على شرطِ الصِّحَّة، كقوله: " مَا أسكرَ كَثِيرُهُ فقَلِيلُهُ حَرَامٌ، وَما أسكرَ كَثِيرُهُ فَالأُوقِيَةُ مِنْهُ حَرَامٌ" (٢).

وقد قال يحيى بن مَعِين: إنَّ جميعها لا يصحّ عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - وليس ينبغي للفقيه أنّ يستدلَّ بشيءٍ منها؛ لأنّ المسألةَ تنبني على رُكنٍ واهٍ.

ولهذا المبدإ ثلاث غايات:


(١) انظر الجامع الصغير: ٤٨٥ - ٤٨٦، ومختصر الطحاوي: ٢٧٧ - ٢٧٨، ومخصر اختلاف العلماء: ٤/ ٣٧١.
(٢) أخرج ابن راهويه في مسنده (٩٥١ - ٩٥٢)، والدارقطني: ٤/ ٢٥٤ من حديث عائشة، قالت: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "ما أسكر الفَرَق فالأوقية منه حرام".

<<  <  ج: ص:  >  >>