للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواجبِ، أصلُ ذلك إذا كان مقَيَّدًا بما فيه قُربَةٌ.

المسألةُ السّادسة (١):

فإذا قلنا: إنَّ نَذْرَها (٢) يصحّ أنّ يكون مطلقًا، ويصحُّ أنّ يكون مقيَّدًا، فقد مضَى الكلام في المُطلَقِ.

فأمّا المقيَّدُ، فإنّه قد يُقَيَّدُ بما فيه قُربة، ويُقَيَّدُ المباحُ بما لا قُربَةَ فيه، ويُقَيَّدُ بالمُحرِّم، فإذا قُيَّدَ بما فيه قُرْبَة، فإنّه يلزَم وإن لم يتعلَّق بشرطٍ ولا صِفَةٍ، مثل قوله: للهِ عَلَيَّ أنّ أصلِّيَ صلاةً، أو أصومَ يومًا.

قال بعضُ أصحاب الشَّافعىّ: لا يلزم إلّا أنّ يُعَلِّقَ بشرطٍ أو بصفةٍ.

ودليلُنا: قولُه تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} (٣) ولم يفرِّق (٤)، فيجبُ أنّ يُحمَلَ على عمومِهِ.

ومن جهةِ السُّنَّة: قولُه - صلّى الله عليه وسلم -:"مَنْ نَذَر أنّ يُطِيع اللهَ فَليُطِعْهُ، وَمَن نَذَرَ أنّ يَعصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ" (٥) وقولُه - صلّى الله عليه وسلم -:"اقْضِهِ عَنْهَا": يقتضي أَداء ذلك عنها، وإن كان لفظُه لفظ الأمر، فإن مقتضاه النَّذْر، لقوله تعالى: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٦)، فلا يجوزُ أنّ يلزَمه هذا النَّذْر بنَذْرها، ولا يجبُ عليه القضاء عنها.


(١) هذه المسألة -ما عدا الدَّليل الثّاني من جهة السُّنَّة- مقتبسةٌ من المنتقى: ٣/ ٢٢٩.
(٢) أي نَذْر أمّ سعد.
(٣) الإنسان: ٧.
(٤) أي لم يفرق بين التعلّق بصفةٍ ولا بغير صفةٍ.
(٥) سبق تخريجه صفحة: ٣٧٥ التعليق: ٥، ٦ من هذا الجزء.
(٦) النجم: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>