للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقه في عشر مسائل:

المسألةُ الأوُلى (١):

قولُه: "مَنْ قالَ: وَاللهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ شَاءَ اللهُ" يقتضي أنَّ اليمينَ يتعلّق بالقول، وهل يَنْعقِدُ الاستثناءُ بالنِّيَّةِ دون القَول؟

قال عبدُ الوهّاب (٢): "إنَّ متأخِّرج أصحابنا اختلفوا في ذلك:

فمنهم من قال: يَصِحُّ.

ومنهم من قال: لا يصحُّ، بناءً على صحّة الطّلاق بالقلب.

فان قلنا لا يصحُّ، فلا فرقَ.

وإن قلنا: يصحُّ، فالفرقُ بينه وبين الاستثناء، أنّ اليمينَ إلزامٌ وإيجابٌ، والاسْتِثْنَاءَ رَفْعٌ وحلٌّ للوجوبِ، وما طريقُه الإلزام أبْلَغ ممّا طريقُه الإباحةُ والتّحليلُ، فجاز أنّ ينعقدَ اليمين بالقلب، وإن لم ينعقد الاستثناء إِلَّا باللّفظِ".

المسألةُ الثّانيةُ (٣):

إذا ثبتَ ذلك، فإنَّ لفظَ اليمينِ: واللهِ، وبِاللهِ، وتَالله، وعِزَّة الله، أو أمانته، أو عليه عهد الله وذمّته وميثاقه وكفالته، وكلُّ هذه حُكمُها حكمُ الأَيمان، هذا هو المشهورُ في المذهب.

وقد رُوِيَ عن أشهب أنّه قال: مَنْ حَلَفَ بأمانَةِ اللهِ الّتي* هي صفة من صفاته فهي يمينٌ، فإن حَلَفَ بأمانة الله الّتي* بينَ العبادِ فلا شيءَ عليه، وكذلك قال في عِزَّةِ الله الّتي هي صفة ذاته، وأمّا العزّة الّتي خلَقَها في خَلْقِه فلا شيءَ عليه، وكذلك قال ابن (٤) سحنون في قول الله تبارك وتعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} (٥) إنّها العِزَّة


(١) هذه المسألة مقتبسةٌ من المنتقي: ٣/ ٢٤٥.
(٢) في المعونة: ١/ ٦٣٨.
(٣) هذه المسألة مقتبة من المنتقي: ٣/ ٢٤٥.
(٤) انظر قول ابن سحنون في النوادر والزيادات: ٤/ ١٥.
(٥) الصّافات: ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>