للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الّتي هي غير صفته الّتي خَلَقَها في خَلْقِهِ.

ورَوَى ابنُ حبيب (١) عن مُطَرِّف وابنِ الماجشون فيمَن حَلَفَ بالعِزَّةِ والعَظَمَة والجلال: إنّما هو حالِفٌ باللهِ؛ لأنّ ذلك لله تعالى.

المسألةُ الثّالثة (٢):

ومن حَلَفَ بصفاتِ اللهِ فحَنِثَ، فعليه كفارة يمين، وكذلك من حَلَفَ بالقرآنِ أو بالمُصْحَفِ.

ورَوَى ابنُ زيادٍ عن مالك في "العُتْبِيَّة" (٣) فيمن حَلَفَ بالمُصْحَفِ أنّه لا كفَّارةَ عليه. قال ابنُ أبي زَيدٍ (٤): "هي روايةٌ مُنْكَرَةٌ، والمعروفُ عن مالك غير هذا" وإن صحَّتْ فإنّها محمولةٌ على أنّه أرادَ الحالِفَ بذلك جِسْم المصحف دون المكتوب فيه (٥).

وقال ابنُ حبيب عن مالك: ومن حَلَفَ بالمصحفِ، أو بالقُرآن، أو بسورةٍ منه، أو بآيةٍ، أو بالكتابِ (٦)، وإن لم يضف شيئًا من ذلك إلى اللهِ، فكفَّارتُه كفارة يمين. ووجهُ ذلك. أنّ القرآن كلامُ اللهِ، وصِفَةٌ من صفاتِ ذاتِهِ، فمتى علَّقَتِ اليمين عليها فهي لازمةٌ كالحالف بالله تعالى.

المسألةُ الرّابعةُ (٧):

فيمن حَلَفَ بالتَّوراةِ والإِنجيلِ: فقد قال سحنون في "العُتْبِيَّة" (٨): عليه كفّارةٌ واحدةٌ إنَّ حَنِثَ، ومعنى ذلك أنّها كتُبٌ منزلةٌ مِنْ عندِ الله، فلذلك تعلَّقَ بها حكم اليمين بالله.


(١) في الواضحة، كما نصّ على ذلك صاحب النّوادر ٤/ ١٤.
(٢) هذه المسألة مقبسةٌ من المنتقى: ٣/ ٢٤٥.
(٣) ٣/ ١٧٥ في سماع عيسى من ابن القاسم من كتاب أوصى أنّ ينفق على أمهات أولاده.
(٤) في النّوادر والزيادات: ٤/ ١٥.
(٥) يقول ابن رشد في البيان والتحصيل: ٣/ ١٧٣ "والذي كان يمضي لنا فيها عند من أدركنا من الشيوخ، أنّها رواية ضعيفة شاذّة خارجة عن الاصول، مضاهية لقول أهل القّدَرِ القائلين بخلق القرآن".
(٦) "أو بالكتاب" زادها ابن حبيب عن مُطرِّف وابن الماجشون، نصِّ على ذلك الباجي في المنتقى وانظر النوادر: ٤/ ١٤.
(٧) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٢٤٣.
(٨) ٣/ ٢٢٧ في مسائل نوازل سئل عنها سحنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>