للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عوّلوا على أنّ قولَ الرَّجُل: والله لا دخلتُ الدَّارَ، كأنّه يُخْبرُ بامتناعه عن دخولها، ويؤكِّدُ خبرَهُ بتعظيم الله، فإذا خالفَ فكأنّه ترك ذلك التَّعظيم. فإذا قال: تركتُ حرمةَ الله إنَّ دخلتُ الدّارَ، كان مثلَ ذلك.

قلنا: تخيّلتم تخيُّلًا فاسدًا في وجه تعلُّقِ الكفّارةِ باليمين باللهِ، وإنّما هي شرعٌ محضٌ، أو معنى غير ما ذكرتم، وتحقيقُه في "مسائل الخلاف".

المسألةُ الثّانيةُ (١):

فإن حلَفَ باللاّت والعُزَّى والطّواغيت، فقد أثِمَ، ولا كفَّارة عليه وإن حَنِثَ.

وقال أبو حنيفة والثّوريّ: عليه كفّارة يمين.

ودليلُنا: ما رُوي عن النّبي - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ في يَمِينِهِ: وَاللَّاتِ وَالعُزَّى، فَلْيَقُل: لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ فَلْيَتَصَدَّقْ" (٢).

المسألةُ الثالثةُ (٣):

قولُه (٤): "يُجزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ" اختلفَ العلّماءُ فيمن حلَفَ بصَدَقةِ مالِه فحَنِثَ:

فقال مالك (٥): يُجْزِئه من ذلك الثُّلُث.

وقال أبو حنيفة: يُجزِئهِ أنّ يُخرجَ جميعه من العين والحرث والماشية دونَ سائرِ أمواله (٦).

وقال النَّخعيُّ: يخرج جميع ماله (٧).

والأفضل له استبقاء أكثره، لقوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} (٨)، ولقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٢٥٩.
(٢) أخرجه البخاريّ (٦٦٥٠)، ومسلم (١٦٤٧) من حديث أبي هريرة.
(٣) هذه المسألة مقتبسةٌ من المنتقى: ٣/ ٢٦٠.
(٤) في حديث الموطَّأ (١٣٨٤) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٢٠٨)، وسويد (٢٦٦).
(٥) في المدوّنة: ٢/ ٢٥ في الرَّجل يحلف بصدقة ماله.
(٦) انظر مختصر الطحاوي: ٣٠٧، ومختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٢٥٥.
(٧) انظر قوله في مختصر اختلاف العلماء: ٥/ ٢٥٥.
(٨) الإسراء: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>