للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (١).

وهذا فيما يفعلُه الإنسانُ ابتداءً، فأمّا ما قد التزمه فإنّه يلزمه، كالطّلاق، وهو ممنوع من إيقاع الثّلاث، وإنّما أُبِيحت له واحدة، فإن أوقع الثلاث لزمته.

ووجهُ ما ذهب إليه مالك: حديثُ أبي لبابة: "يُجْزِئُكَ من ذَلِكَ الثُّلُثُ".

ومن جهة المعنى: أنّ استيعاب المالِ بالصَّدقةِ ممنوعٌ، فوجب أنّ يؤثّر هذا المنع في العدول عنه والاّ يبطل بالجملة؛ لأنّ النَّقص لا يتناول البعض، فوجب ردّه إلى الثُّلُث كالوصيّة.

المسألةُ الرّابعةُ (٢):

قال علماؤنا (٣): وهذا إذا علَّقَ الصَّدقةَ على جميعِ مالِهِ، فإن علَّقَها على جزءٍ، فإنّ عليه غُرم ذلك الجزء، وإن كان تسعةَ أعشارِ ذلك المالِ.

وفي "النّوادر" (٤) رَوَى ابنُ وَهْبٍ عن مالك: يقتصر من ذلك علَى الثُّلُث.

فرعٌ (٥):

ومن تصدَّقَ بشيءٍ مُعَيَّنٍ وهو جميعُ مالِهِ، فالمشهورُ في المذهب أنّه يلزَمُه (٦).


(١) الفرقان: ٦٧.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٣/ ٢٦١.
(٣) المقصود هو الإمام الباجي.
(٤) ٤/ ٣٦.
(٥) هذا الفرع مقتبسٌ من المنتقى:٣/ ٢٦١.
(٦) قاله مالك في المدوّنة: ٢/ ٢٤ في الرَّجل يحلف بهدي جميع ماله. ووجه هذا القول: أنّ تعليق الأحكام بمعيّن يقتضي من اختصاصها به ما لا يقتضيه تعليقها بلفظ عامٌ، فإذا حَلَفَ بصدقة ماله لم يلزمه إخراج جميع ماله؛ لأنّ اللّفظ يحتمل الجميع ويحتمل البعض، وإن كان في الجميع أظهر، وإذا عيّن على سبيل المثال ثوبًا لزمه إخراج جميعه؛ لأنّ ما علّق عليه الحلف معيّن لا يحتمل التّخصيص، ملزمه لذلك إخراج جميعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>