للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافعيّ (١): لا صَدَاقَ لها إِلَّا صَدَاق المِثْل، واتَّفَقوا في الميراثِ والعِدَّة.

واحتجّ الشّافعيُّ بأنّ لها الصَّداق، بما رَوَى الدّارقطنيُّ (٢)؛ أنّ ابنَ مسعودِ سُئِلَ عن هذه المسألة فقال: أَقْضِي فِيهَا بِرأيِي، فَإنْ أَصَبْتُ فَمنَ الله، وَإنْ أَخطأتُ فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيطَانِ، والله ورسولُه يَرَيَانِ، لَهَا صَدَاقُ مِثلِهَا، ولها الميراثُ وعليها العِدَّةُ، فقام إليه ناسٌ من أشجع فقالوا له: هذا حُكمُ رسولِ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - في هذه المسألة، فحَمِدَ الله وأثنَى عليه (٣).

وأجاب أصحابُ مالكٍ: بأنْ لا حُجَّة في الحديثِ من وجهين:

أحدهما: أنّ الحديثَ ضعيفٌ، لقوله فيه: "فَقَامَ نَاسٌ من أَشجَع" وهم مجهولُونَ. وأجابَ أصحابُ الشَّافعيّ: بأن هذا باطلٌ؛ لأنّه لو كان كذلك لما قبِلَهُم ابن مسعود حين حَمِدَ الله، فإنّه أضاف حكم رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - إليه.

والصَّحابيُّ إذا رَوَى عن الصّحابي فهو مسندٌ يدخل في المسنَدَاتِ على ما بيّنَّاهُ.

المسألةُ الثّامنةُ (٤):

أنا المحجورُ عليه لِسَفَهِهِ، فالمشهورُ من المذهبِ أنّ الأبَ يُجبرُه على النِّكاحِ، وكذلك الوصيُّ والسُّلطانُ (٥).

وقال عبدُ المَلِك: لا يزوِّجه من يلي عليه إِلَّا بِرِضَاهُ (٦).


(١) في الأم: ٥/ ٧٤.
(٢) ٢/ ٢٠٧.
(٣) أخرجه عبد الرزّاق (١٠٨٩٨، ١١٧٤٥)، وابن أبي شيبة (٢٩٠٧٢)، وأحمد: ٣/ ٤٨٠، والدارمي (٢٢٥٢)، وأبو داود (٢١١٥ م)، وابن ماجه (١٨٩١)، والترمذي (١١٤٥) وقال: "حسن صحيح"، والنسائي: ٦/ ١٢١ - ١٢٢، وابن حبّان (٤٠٩٩)، والطبراني في الكبير: ٢٠/ ٢٣١ (٥٤٣)، والحاكم: ٢/ ١٨٠، والبيهقي:٧/ ٢٤٥، كلهم من حديث ابن مسعود، مع اختلاف في الألفاظ.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٢٨٦.
(٥) وجه هذا القول: أنّ السّفيه محجورٌ عليه في ماله ونكاحه، فكان لمن له الحجر عليه جبره على النِّكاح كالصّغير والعبد.
(٦) وجه هذا القول: أنّ من ملك الطّلاق من الأحرار لم يُجْبَر على النِّكاح كالرَّشيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>