للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهِمَا أو بإحداهما، كانت الأُولى أو الأخرى (١).

المسألةُ الخامسة (٢):

وأمّا إذا ملك عِصْمَة إحداهما، وَوَطِىء الثّانية بمِلْكِ اليمينِ، فلا يخلو أنّ يكون عَقدُ النِّكاحِ أوَّلًا أو آخِر، فإن كان السّابق، فقد روى محمدٌ عن ابن القاسمِ؛ أنّه إنَّ نكحَ إحدى الأُختين، فلم يبْنِ بها حتّى وَطِىء الثّانية بِمِلكِ اليمينِ، أنّه يوقَف عنها حتّى يُحَرِّمَ فَرْجَ أَمَتِهِ عليه، ولا يفسد ذلك النِّكاح.

وقال أشهبُ: بل يطأ الزَّوجة؛ لأنّ فَرْجَ أَمَتِهِ عليه حرامٌ منذ عَقَدَ على أُختها عَقْدَ نِكاحٍ.

توجيهٌ:

ووجهُ قولِ ابنِ القاسمِ: أنّه قد وُجِدَ منه في كلِّ واحدةٍ ما يمنَعُ من الأُخرى، فوجبَ أنّ يُوقَفَ عنهما، كما لو كانتا أَمَتَيْنِ فَوَطِئَهُما.

ووجهُ قولِ أشهب: أنَّ النِّكاحَ من بابِ الاسْتمتاع، ومَنْعَهُ أَقْوَى من مِلْكِ اليمينِ؛ لأنّ مقصودَهُ الوَطءُ. ومقصودَ مِلْكِ اليمينِ المِلْكُ دونَ الوَطءِ.

فرعٌ:

فإن وَطِىءَ إحداهُما بملْكِ اليمين، ثمّ تزوَّجَ الأُخرى قبل أنّ يُحَرِّم الأَمَة على نفسِهِ، فقد قال محمّد: اختُلِفَ فيها: فقال ابنُ عبد الحَكَم وأَشهَب: نكاحُه جائزٌ.

وقال ابنُ القاسم: لا يجوزُ أنّ يعْقِدَ النِّكاحَ حتَّى يُحَرِّم الأَمَة على نفسه، فإن فَعَلَ، وَقَفَ بعدَ النِّكاحِ ولا يَقرُب واحدة منهما حتَّى يُحَرْم على نفسِهِ أيّتَهُمَا شاءَ.

وقال عبدُ المَلِك: يُفْسَخُ النِّكاحُ ولا يُقَرُّ على حالٍ، وهذا القولُ مع الّذي قَبلَهُ لابْنِ القاسِم في "المدوّنة" (٣).


(١) قاله مالك في المدوّنة: ٢/ ٢٠٣.
(٢) هذه المسألة مع توجهها وفَرْعَيها مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(٣) ٤/ ٢٨٠ (ط. صادر) في الأختين بملك اليمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>