للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكاح، كالقَذْفِ وشُرب الخمرِ وغيرِهما، لكنه يُكره، وإنّما كُرِه لقولِ الله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} الآية (١).

وقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "عَلَيكَ بذَاتِ الدِّين تَرِبَتْ يَداكَ" (٢)، وقوله: "تَخَيّرُوا لِنُطَفكُمْ" (٣).

المسألةُ الرّابعةُ (٤):

إذا زنتِ امرأةُ الرَّجُلِ تَحتَهُ، هل يفارقُها أم لا؟ قلنا: ليس بواجبٍ طلاقُها.

والدّليلُ على ذلك: قولُ الرَّجُل للنَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم -: يا رَسُول الله، إِنَّ امرَأَتِي لَا ترُدُّ يَدَ لَامِسٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "طَلَّقهَا"، فقالَ: يا رَسُولَ الله إنِّي أُحِبُّهَا، قال: " فَاسْتَمْتِعْ بهَا" (٥). ولم يُقِرّ - صلّى الله عليه وسلم - الرَّجُلَ على الحرام.

وقد تَأوّلَ الأَصْمَعِىُّ هذا الحديثَ أنّها كريمةٌ مُبَذِّرَة لمالِ زوجِهَا لا تردّ من يسألها، وأَنْشَدَ في ذلك (٦):

وَألمَسْتُ كَفِّي كَفَّهُ أَطلُبُ الغِنَى ... وَلَمْ أَدْرِ أَنَّ الجُودَ مِنْ كّفِّه يُعْدِي

فَلَا أَنَا مِنهُ مَا أَفَادَ ذَوُو الغِنَى ... أفَدتُ وَأَعدَائِي فَأَتْلَفتُ مَا عِندِي


(١) النور: ٣.
(٢) سبق تخريجه صفحة: ٤٢٨ من هذا الجزء.
(٣) أخرجه ابن ماجه (١٩٦٨)، والدارقطني: ٣/ ٢٩٩، والحاكم: ٢/ ١٦٣ وصححه، والبيهقي: ٧/ ١٧٣،
من حديث عائشة مرفوعًا، قال ابن حجر في تلخيص الحبير: ٣/ ١٤٥ "ومداره على أناس ضعفاء رووه عن هشام، أمثلهم صالح بن مويس الطلحي والحارث بن عمران الجعفري، وهر حسن". قال أبو حاتم- كما في علل ابنه: ١/ ٤٠١ الحديث ليس له أصل".
قلنا: وللحديث شواهد يتقوى بها.
(٤) انظر المعونة: ٢/ ٧٩٥ - ٧٩٦.
(٥) أخرجه الشّافعيّ كما في ترتيب المسند: ٢/ ١٥ مرسلًا، وأسنده النسائي: ٦/ ٧٠ من حديث ابن عبّاس، وقال: "هذا خطأ والصواب مرسل" ورواه أبو داود (٢٠٤٩ ع) أيضًا، قال ابن حجر في التلخيص (١٧٧٣) وإسناده أصحّ" قال السيوطيّ في اللآلئ: ٢/ ١٧١ "سئل الحافظ ابن حجر عن هذا الحديث فأجاب بأنّه حسن صحيح، قال: ولم يصب من قال: إنّه موضوع".
(٦) روى الأصبهاني البيتين في الاغاني: ٣/ ١٠٤ (ط. صادر) لبشار بن برد في سياق خَبَرٍ نقديّ، عن الأصمعي أنّ أبا عمرو بن العلّاء كان يقول: أبدع النَّاس بيتًا ويذكر البيتين. وهما في ديوان بشار: ٤/ ٥٥ (ط. ابن عاشور)، ونسبهما العسكريُّ في الصناعتين: ٢٠٠، والخطيبُ في تاريخ بغداد: ٣/ ٣٨٦ (ط. دار الغرب) إنَّ ابن خياط المكي في مدح الخليفة المهدي وهما في ديوان الحماسة =

<<  <  ج: ص:  >  >>