للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُه (١) في البعير: "فليَضَع يَدَهُ عَلى سَنَامِهِ، وَلْيَتَعَوَّذ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ" إشارةٌ إلى قَولِهِ: "إنّها أولادهنّ" (٢).

المسألةُ الثّانيةُ (٣):

قولُ الرّجُلِ عن أُختِهِ إذا خطبت إليه أنّها أحدثت (٤)، أرادَ أنّها زَنَت، وأنّها أصابت ما يُوجِبُ عليها حدّ الزِّنَى، فأنكرَ ذلك عليه عمر، ولعلّها قد كانت أَقْلَعَتْ وتَابَت، فلا يحلّ ذكر ذلك؛ لأنَّ الله تعالى يقولُ: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} (٥)، ولا يجوزُ للوَلِيِّ أنّ يُخبرَ من حال وَليَّتِهِ إِلَّا بما يجبُ ردَّها وهي العيوب الأربعة (٦).

المسألةُ الثّانيةُ (٧):

فإن قيل: إذا عَلِمَ الرَّجلُ من وَليَّتِهِ عَيْبًا، هل يَستُرُهُ على الخاطِبِ أو ينشُرُهُ؟ قلنا: أمّا عيبُ الأَبْدَانِ فلا خلافَ في وجوب ذِكرِهِ، فإن كَتَمَهُ فهو غاشٌ، عليه الإثمُ إجماعًا، وعليه الغُرْمُ للصَّداقِ، إنَّ كان ذلك العيبُ ممَّا يُوجبُ ردَّ النَّكاحِ؛ لأنّه غارٌّ له بالقول، ولا خلافَ بين المالكيّة أنّ الغرَرَ بالقولِ يُوجِبُ الضَّمانَ على الغَازِّ، خلافًا لأبي حنيفة (٨) والشّافعيّ (٩).

ووقعت مسائلُ ظَنَّ الغافلونَ حين جاء فيها غُرورٌ من قول قائلٍ، فلم يَرَ عليه مالكٌ ضَمَانًا؛ أنّه اختلافُ قولٍ، وإنّما ذلك لأنّهم لم يَعلَمُوا حدَّ الغُرُورِ المُوجبِ للضّمان.


(١) في حديث الموطَّأ (١٥٧٥) رواية يحيى، باختلاف في اللفظ.
(٢) لم نجده بهذا اللفظ، ولعلّه يقصد الحديث الّذي أخرجه ابن أبي شيبة (٣٨٩٣) ومن طريقه ابن
ماجه (٧٦٩) عن عبد الله بن مغفل المزني بلفظ: "فإنها خلقت من الشّياطين".
(٣) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٣٥٢.
(٤) أخرجه مالك (١٥٧٦) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٥٥٣).
(٥) الشورى: ٢٥.
(٦) الّتي هي الجنون والجُذَام والبرص وداء الفَرْج، انظر تفسبر الموطَّأ للبوني: ٨٥/ ب.
(٧) انظرها في القبس: ٢/ ٧١٩ - ٧٢٠.
(٨) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٢٩٦.
(٩) في الأم: ٥/ ٩٠ - ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>