للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطّلاقِ، أو يكونَ إخبارًا عن صِفَةِ الطَّلاقِ الشَّرعيِّ.

ومن علمائنا من قال: الألفُ واللّامُ للحصرِ، وهو ألَّا يكون الطّلاق الشّرعيّ على غير هذا الوجه.

فإن قالوا: المرادُ به الطّلاق الرَّجْعِيّ طلقتانِ.

قيل لهم: إذا استقلَّ الكلام دون إضمار، لم يرجع الإضمار إِلَّا بدليلٍ، وقد بيَّنَّاهُ في "الأصول".

المسألةُ الثّانية (١):

فَمَنْ أَوْقَعه بلفظ الثّلاث (٢) لَزِمَهُ ما أَوْقَعه، وبذلك قال جماعة العلماء.

وحكى عبد الوهّاب في "إشرافه" (٣) عن بعض المُبتَدِعَة (٤)؛ أنّه قال: تلزمه طلقة واحدة، وعن بعض أهل الظَّاهرِ لا يلزمه شيءٍ (٥).

وإنّما يُرْوَى هذا القول عن الحَجِّاج بن أَرْطَاة، ومحمد بن إسحاق (٦).

والدّليلُ على ما نقوله: إجماعُ الصَّحابة؛ لأنّ هذا مرويٌّ عن ابنِ عمر، وعمران بن حصين، وابن مسعود، وابن عبّاس*، وأبي هريرة، وعائشة - رضي الله عنهم - ولا مخالِفَ لهم، وما روي عن ابن عبّاس* من رواية طاوس (٧)، قال فيه بعض


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٤/ ٣ - ٤.
(٢) أي أوقع الطّلاق بلفظة واحدة.
(٣) ٢/ ١٢٣ - ١٢٤
(٤) قول القاضي عبد الوهّاب فيه نظر، فالقائلون بلزوم الطلقة الواحدة، هم نفر من الصّحابة رضي الله عنهم، وجلة الفقهاء، يقول أحمد بن مغيث الطُليلطلي [المتوفي سنة: ٤٥٩] في المقنع في علم الشروط: "وروينا ذلك [أي بلزوم طلقة واحدة، كله عن ابن وضّاح، وبه قال شيوخ قرطبة ابن زنباع شيخ وقتنا هذا، ومحمد بن بقي بن مخلد، ومحمد بن عبد السّلام الخشنى فقيه عصره، وأَصْبَغ بن الحباب، وجماعة من فقهاء قرطبة وسواهم".
(٥) في الإشراف: "لا يقع أصلًا"، وانظر المحلى لابن حزم: ١٠/ ١٦٨ وما بعدها.
(٦) انظر قولهما في مذاهب الحكام للقاضي عياض وولده: ٢٨٩.
(٧) أخرجها عبد الرزّاق (١١٠٧٧، ١١٠٧٨) من طريقين، قال طاووس في الأثر الثّاني: "والله ما كان ابن عبّاس يجعلها إِلَّا واحدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>