للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان ذلك: أنّ النَّاقةَ يُجعلُ الحبلُ في رِجْلَيهَا، فإذا أرادوا تركَها جَعلوهُ على غارِبِهَا لكي تَسِيب، ولا يطلبونها بعد ذلك (١).

فكذلك المرأةُ إذا قال لها: حبلُكِ على غَارِبِكِ، لا يكون له عليها رَجْعَة، خلافًا لأَبي حنيفة والشّافعيِّ (٢).

الغَارِبُ من الجَمَلِ: مقدَّمُهُ ما بين سَنَامِه إلى كَتِفيْهِ.

فرع ثانٍ:

إذا قال: أنت عليَّ حرامٌ، ففيه قولان:

الشّافعيُّ يقول: عليه كفَّارة يمينٍ (٣).

وقال أبو حنيفة (٤) ومالك: عليه الطَّلاق.

وقال مالك فيه أيضًا روايتان. أمّا المشهورُ في "موطَّئِهِ" (٥) وفي "المدوّنَة" (٦) أنّها: ثلاث.

ورُويَ، عن مالك أنّها طلقةٌ بائنةٌ.

وأمّا من قال: إنّها كفّارة يمينٍ، فدعوى؛ لأنّ النَّاس اتَّفقوا على أنّ مجرَّدَ قولِهِ: أنتِ طالق، أنتِ حرام، وأنت علىَّ كظَهْرِ أُمِّي، أنّه ليس بيمينٍ.


(١) يقول ابن حبيب في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة ٨٨ [١١/ ٤١١] "أمّا معنى ما أراد: فالتخلِّي منها والفراقُ لها، وهو للمدخول بها ثلاثًا ولا ينوي، ولغير المدخول بها ثلاثًا إِلَّا أنّ ينوي واحدة. وأمّا نفسُ الكلمة؛ فإن الغارب من الجمل مُقَدَّمُه ما بين سَنَامِه إلى كتفيه، فقوله: حبلك على غاربك، يعني أنّه رَمَى ما بيده من مِلْكِهَا وطَلَاقِها، كما يرمي الرّجلُ خطامَ البعير على ظهره، فلا يبقى معه منه شيءٍ. وليس يسأل قائل ذلك اليومَ عما أراد به، ولو قال لم أرد به طلاقًا لم يُقْبَل ذلك منه".
قلنا: وكذلك فسَّرَ اللَّيث بن سعد الغارب بما فسره ابن حبيب، رواه ابن سحنون، عن أبيه، عن اللَّيث، نصّ على ذلك البوني في تفسير الموطَّأ: ٨٥/ ب وقال: "إنّما أتيتُ بتفسير اللّيث لموافقته مالكًا على أنّه لم يبق في يديه من عصمة زوجته شيءٍ".
(٢) انظر الوسيط للغزالي: ٥/ ٣٧٥.
(٣) قاله في مختصر المزني (كما في الحاوي الكبير: ١٠/ ١٨٢).
(٤) انظر المبسوط: ٦/ ٧٠.
(٥) الأثر (١٥٨٦) رواية يحيي.
(٦) باب الحرام: ٢/ ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>