للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} الآية (١)، ولا متعلَّقَ لنا في عُمُومِه ولا في تخصيصه ولا لهم، كما لا متعلّق في قوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} الآية (٢)، لا لنا ولا لهم، فإنّ كِلَا العُمومين لابُدَّ من تخصيصه، فتخصيصُ عُمومِ* الطّلاقِ بمالِكِ الطّلاق وصاحبه، وتخصيصُ عموم* العِدَّة بالمتعبِّدَةِ بالعِدَّةِ وفائدتها، أَولى من تخصيصِ كلّ عمومٍ منها بما ليس منه، واللهُ أعلمُ.

الفقه في ستّ مسائل:

المسألة الأولى:

بَوَّبَ مالكٌ على طلاقِ العَبدِ، ولم يذكرهُ في الباب , وإنّما ذكر المُكَاتَبَ، وإنّما كان ذلك لقوله -عليه السّلام-: "المُكَاتَبُ عَبدٌ مَا بَقِيَ عَلَيهِ دِرْهَمٌ" (٣)؛ لأنّ حُكمَ العَبدِ والمُكَاتَبِ في الطَّلاقِ سواءٌ، وَلِمَا رواهُ التّرمذيّ (٤) عن النَّبيِّ -عليه السّلام-: "الطّلاقُ بالرِّجالِ والعِدَّةُ بالنِّساء" (٥) ومثال ذلك في المسألة أنّ الرَّجلَ إذا كان حُرًّا وزوجَتُهُ أَمَةٌ أنّه يراجِعُها بعدَ تطليقتينِ ولا تحرمُ إِلَّا بالثّلاث، فالطلاقُ معتَبَرٌ بالرّجال. ومعنى العِدَّة بالنِّساء, أنّ الزَّوجَ إذا كان عبدًا وزوجته حُرَّة، فإنّ عدَّتها معتبرَةٌ بالحيضِ، والعِدَّةُ مُعتَبَرَة بالنِّساء، وكذلك إذا كان الرَّجُلُ عبدا؛ لأنّ حُكمَ الرّجلِ العبدِ في الطّلاق كغيره.

وذكر مالك -رحمه الله- هذه الآثار في هذا الباب رَدًّا على أهل العراق حيثُ قلبوا القضيَّة، وقالوا: الطّلاقُ بالنِّساء والعّدة بالرِّجال.


(١) البقرة: ٢٢٨.
(٢) البقرة: ٢٢٩.
(٣) أخرجه أبو داود (٣٩٢٦، ٣٩٢٧ م) والطحاوي في شرح معاني الآثار: ٣/ ١١١، والطبراني في مسند الشاميين (١٣٨٦) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -. وانظر الكلام على الحديث في تلخيص الحبير: ٤/ ١٢٦، ونصب الراية: ٤/ ١٤٣.
(٤) عزو المؤلِّف الحديث للترمذي سبق قلم منه رحمه الله.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة (١٨٢٥١) عن ابن عبّاس موقوفًا، كما أخرجه ابن الجعد في مسنده (٧١٨)، والطبراني في الكبير (٩٦٧٩)، والبيهقي: ٧/ ٣٧٠ عن ابن مسعود موقوفًا، وانظر الكلام على هذا الأثر في علل الدارقطني: ٥/ ١٩٥، وتلخيص الحببر: ٣/ ٢١٢، ونصب الراية: ٣/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>