للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها، عنها فكان هو أَوْلَاها بالصَّوابِ.

المسألةُ الثّالئةُ (١):

وأمّا المفقودُ في بلادِ الحربِ، فَحُكمُهُ حُكْم الأَسير، لا تتزوّج امرأته، ولا يقسم ماله حتَّى يُعْلَم موتُه، أو يأتي عليه من الزَّمان ما لا يحيى إلى مثلِهِ في قول أصحابنا كلهم، حاشا أشهب فإنَّه حَكمَ له بِحُكْمِ المفقودِ في المالِ والزّوجة جميعًا.

واختلفَ العلّماءُ فيمن سار في البحر إلى بلاد الحرب ثمّ فُقِدَ:

فقيل: إنّه كالمفقودِ في بلادِ المسلمين، لإمكانِ أنّ تكون الرِّيحُ قد رَدَّتهُ إلى بلادِ المسلمينَ، إلّا أنّ يُعْلَم أنّه صار في بعضِ جزائر الرُّومِ ثمَّ فُقِدَ بَعْدُ.

وقيل: كالمفقودِ في بلاد الرُّومِ.

المسألةُ الرّابعةُ (٢):

وأمّا المفقودُ في صفِّ المسلمينَ في قتالِ العَدُوِّ، ففي ذلك أربعة أقوال:

أحدهما: روايةُ ابنِ القاسمِ عن مالك في "سماع عيسى" (٣) أنّه يُحْكَم لَهُ بحُكْمِ الأسيرِ، فلا تتزوّج امرأتُه، ولا يقسم مالُه، حتّى يُعلم موتُه، أو يأتي عليه من الزَّمانِ ما لا يحيى إلى مثله.

الثّاني: روايةُ أشهب عن مالك (٤)؛ أنَّه يُحْكَم له بحُكْمِ المقتولِ، بعد أنّ يُتلَوَّمَ (٥) له سنة من يوم يُرفَع أمرُهُ إلى السُّلطان، ثمَّ تعتدُّ امرأتُه وتَتَزوَّجُ ويُقسمُ مالُه، وإن كان لم يتكلْم في الرِّواية على قسم ماله فهو المعنى واللهُ أعلمُ، وسواء كانت المعركة في بلاد الحرب أو في بلاد المسلمين إذا أمكن أنّ يُؤْسَر فيخَفَى أَمْرُهُ، فحَمَلَهُ ابنُ القاسم في رواية عيسى عنه على أنَّه أسير، وحمله مالك في رواية أشهب عنه على أنَّه قتيل.


(١) هذه المسألة مقتبسة من المقدِّمات الممهِّدات: ١/ ٥٣٣.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المقدِّمات لابن رشد: ١/ ٥٣٣ - ٥٣٥.
(٣) من العتبية: ٤/ ٤٣٨ - ٤٣٩كتاب أوَّله أسلم وله بنون صغار. وانظر: ٥/ ٤١١.
(٤) انظر نحو هذه الرِّواية في العتبية: ٥/ ٣٦٨ في سماع أشهب وابن نافع عن مالك، من كتاب الطّلاق الثّاني.
(٥) أي يُنتظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>