للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألةُ الثّانيةُ (١):

وهل يجوزُ بيع الدّارِ الّتي تعتدُّ فيها، فالّذي عليه الجمهورُ من علمائنا أنَّ ذلك جائزٌ ويشترط فيه العِدَّة. قال ابنُ القاسمِ: لأنَّها أحقُ بالسُّكْنَى من الغُرَمَاءِ (٢).

وقال ابنُ عبد الحَكَم: البيعُ فاسدٌ؛ لأنَّها قد ترتابُ (٣).

فإن وقعَ البيعُ بالشّرط فَارْتابت، فقال مالك في"كتاب محمّد": هي أحقُ بالمقام وأحبُ إلينا أنّ يكون المُشْتَرِي بالخِيَارِ في الفَسْخِ والإمضاءِ، ولا يرجع بشيءٍ؛ لأنَّه دخل على العِدَّةِ المعتادة. ولو وقعَ البيعُ بشرطِ زوالِ الرّيبة كان فاسدًا (٤).

وتال سحنون: لا حُجَّةَ للمشترِي وإن تَمَادَتِ الرّيبة إلى خمس سنين؛ لأنَّه دخلَ على العِدَّة، والعِدَّةُ قد تكونُ خمس سنين (٥)، ونحو هذا روى أبو زيد عن ابن القاسم.

قال الإمام: وهذا عندي على قولِ من يرى للمُبْتَاعِ الخِيَار، وأمّا على قول من يلزمه ذلك، فلا تأثيرَ للشَّرْطِ.

المسألةُ الثّالثة (٦):

لأنَّ كان السُّكْنى غير مقدَّر، مثل أنَّ يسكنها حياته، ثمَّ هي خبْسٌ على غيره بعدَهُ،


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٤/ ١٣٤ - ١٣٥.
(٢) وجه هذا القول: أنّ الغالب السّلامة والرّيبة نادرةٌ، وذلك لا يؤثِّر في فساد العقود، لاسيّما إذاكان القصد لا يؤثر في ذلك.
(٣) فتمتدُّ عِدَّتُها، ووجه هذا القول: أنَّ اختلافَ مدّة القبض إذا كان فيها تَفَاوُتٌ أثّرت في فساد العَقْدِ كما لوكانت السُّكْنَى لغير الزّوجة.
(٤) وجه قول الإمام مالك: أنّ البيع يصحّ؛ لأنّه انعقد على المعتاد من العِدَّة، فإن أنّ من الرّيبة غير المعتاد كان له الخيار.
(٥) وجه قول سحنون: أنَّه إنَّما دخل على أقصى أمد الحمل، فإن انقضت العِدَّة قبل ذلك فلا رجوع عليه.
(٦) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٤/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>