للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أشهب: يُفْسَخُ ذلك إِلَّا أنّ يُفارقَهُ قبل قبضِ المحال، سواء ثبت دَيْن المُحَال عليه قبل عَقْد الصَّرف أو بعده.

قال الإمام (١): فقولُ ابنِ القاسم مبنىٌّ على أنّ مِنْ شرطه (٢) أنّ يقبض العاقد العِوَضَ، ومن شرطه عند أشهب ألَّا يفارقه قبل القبض هو أو غيره، هو بمنزلة الإقالة في السَّلَم (٣).

فرع:

فإن كان دينارٌ بين رجلين، فصرفاه بدراهم، ثمّ وكّل أحدهما صاحبه على القبض، ثمّ انقلب (٤)، جازَ أنّ يقبض الثّاني قبل أنّ يفارق الصّراف. حكاه ابنُ الموّاز عن ابن القاسم، وكذلك الحُلَي.

الثّالثة (٥):

قال علماؤنا (٦): ولا اعتبار بالسِّكَّة وبالصِّياغة في شيءٍ من ذلكَ، فإنْ كان المَصُوغُ أَدوَنَ ذَهَبًا والتِّبْرُ أفضل، فلا بأس بذلك؛ لأنّ الصِّياغةَ تبعٌ مُلغىً غير مؤثِّر كالجَوْدَة، ولو ثبتَ له في ذِمَّته ذهبٌ مَصُوغٌ، فأراد أنّ يقبضَه عنه تِبْرًا أفضل ذهبًا لم يَجُزْ، لأنّ الصِّياغةَ قد ثبتت له في ذمّته، فَتَرَكَ ذلك عِوَضًا عن جَوْدة الذّهب (٥) التِّبْر، فدخل


(١) الكلام دائمًا للإمام الباجي.
(٢) أي شرط الصّرف.
(٣) ويذكر الباجي في المنتقى أنّ الفرق عند ابن القاسم بين ذلك وبين الصّرف أنّ الصّرف أشدَّ؛ لأنّ سرعة القبض فيه معتبرة لنفسها لا لمعنى في غيرها، والإقالة في السّلَم لم يلزم القبض فيها قبل التّفرّق؛ لأنّ ذلك مقتضى عقد الإقالة بدليل جواز تأخير القبض في الأقالة من الأعيان، وإنّما يلزم ذلك فيها لئلا يؤول إلى فسخ دَيْن في دَيْن.
(٤) قبل القبض.
(٥) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٤/ ٢٥٨.
(٦) المقصود هو الإمام الباجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>