للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأصلُ في الصّرف: حديث عُبَادَة بن الصَّامِت عن النَّبيِّ -عليه السّلام-.

الفقه في خمس مسائل:

الأولى:

قال علماؤنا: إذا تصارفَ الرَّجُلان، وأحدهما يعرف أنّ دنانيره زيوف، فالصَّفقة عند مالك مفسوخةٌ. وقد قيل: إنها تامّة، على تفصيلٍ وتفريعٍ طويلٍ.

وقد (١) غَلِطَ أبو حنيفةَ (٢) في هذه المسألةِ فقال: "إنَّ التَّفرُّقَ قبلَ التّقابُضِ يجوزُ في بَيْع كلِّ مالٍ رِبَوِيِّ ما عدا النَّقدَيْنِ، فإنَّ التّقابُضَ قبلَ التَّفَرُّقِ واجبٌ فيهِمَا، سواءٌ: بِيعَ الجنسُ بالجنسِ أو بغيره منهما، قال: لأنّ اسمَ المُبَايَعَةِ فيهِما صَرْفٌ، وذلك عبارةٌ عن صرفِ، أحدِهما في الآخرَ فهذا لم يوجَد معنى التَّقابُض، لم يُوجَد معنى الاسمِ".

وهذا وهمٌ من ثلاثةِ أَوْجُهٍ:

أحدُها: أنَّ لفظَهُ لم يرد في كلامِ الشارعِ -كما قدَّمنَا- فينبني عليه حُكمٌ.

الثّاني: أنّ الصَّرفَ في اللُّغةِ -كما قالوا - مأخوذٌ من صَرفِ أَحدِ العِوَضَيْنِ في الآخَرِ، وقد يكونُ ذلك بالقولِ والفعلِ.

الثالثُ: حديثُ عمرَ "قَالَ رَسُولُ اللهِ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالوَرِقُ بالوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ. الحديث" (٣) وفي الصّحيح: "فَإِذَا اختَلَفَ الجنسَانِ فَبِيعُوا كَيفَ شِئتُمْ، إنَّ كَانَ يَدًا بِيَدٍ" (٤) وهذا نَصٌّ، وإن كان العلماء قد اختلفوا في علة الرِّبَا في هذه الأعيان الرِّبَويَّةِ.


(١) انظر هذه الفقرة في القبس: ٢/ ٨٢٢ - ٨٢٣.
(٢) انظر مختصر الطحاوي: ٧٥، والمبسوط: ١٤/ ٢.
(٣) أخرجه مالك (١٨٥٦) رواية يحيى، بلفظ:" الذّهب بالورق ربًا ... " قال ابن عبد البرّ في التمهيد: ٦/ ٢٨٢ "هكذا قال مالك، ومعمر، واللّيث، وابن عُيَيْنَة في هذا الحديث عن الزهري الذهب بالورق، ولم يقولوا: الذّهب بالذّهب، والورق بالورق، وهؤلاء هم الحجة الثابتة في ابن شهاب على كلّ من خالفهم".
(٤) أخرجه مسلم (١٥٨٧) من حديث عبادة بن الصامت، بلفظ: "فإذا اختلفت هذه الاصناف ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>