للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأمّا النَّقدانِ، فقال أبو حنيفةَ (١) وغيرُه: العِلَّةُ فيهما الوَزْنُ، وحَرَّمَ الرِّبا في كلِّ مَوزُونٍ على اختلافِ أنواعِهِ.

وقال مالكٌ والشّافعيُّ (٢): العِلَّةُ فيهما كونُهما أثمانَ الأشياءِ، وتلكَ عِلَّةٌ واقفةٌ تختصُّ بهما.

الثّانية (٣):

قال الإمامُ: وبابُ الصَّرفِ من أضيقِ أبواب الرِّبا، والتَّخلُّص من الرِّبا عسيرٌ، إِلَّا مَنْ كان من أهلِ الوَرَعِ والمعرفةِ بما يحلُّ فيه ويحرمُ، وقليلٌ ما هم، ولذلك كان أَصبَغُ يَكرَهُ أنّ يستظلَّ بظِلِّ الصَّيرفىِّ؛ لأنَّ الغالِبَ عليهم الرِّبا (٤).

وقال علماؤنا (٥): لا يجوزُ في الصَّرفِ ولا في بَيْع الذّهبِ بالذّهبِ ولا الفضّة بالفضّة مُوَاعَدَةٌ ولا خيارٌ، ولا كفالةٌ ولا حَوَالَةٌ، ولا يصحُّ إِلَّا بالمُنَاجَزَةِ الصّحيحةِ، لا يفارق أحدهما صاحبه وبينه وبينه عملٌ، لقوله -عليه السّلام-: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهب إِلَّا مِثلًا بِمِثلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا في بَعضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الوَرِقَ بِالوَرِقِ إِلَّا مِثلًا بِمِثلٍ" (٦).

الثّالثة (٧):

قال علماؤنا (٨): والنَّظِرَةُ في الصَّرفِ تنقسم على ثلاثة أقسام (٩):

أحدُها: أنّ ينعقد الصَّرفُ بينهما على أنّ ينظرَ أحدهما صاحبَهُ بشيءٍ ممّا اصطرفا فيه - وإن قَلَّ، فهو إذا وَقعَ فُسِخَ جميعُ الصَّرْفِ باتِّفاقٍ، لانعقادِهِ على فسادٍ.


(١) انظر مخصر الطحاوي: ٧٥.
(٢) انظر الحاوي الكبير: ٥/ ٩١.
(٣) هذه المسألة مقتبسة من المقدِّمات الممهِّدات: ٢/ ١٤ - ١٥.
(٤) قوله: "لأنّ الغالب عليهم الرِّبا" من تعليل عبد الملك بن حبيب.
(٥) المقصود هو الإمام ابن رشد الجدّ.
(٦) أخرجه مالك في الموطَّأ (١٨٤٥) رواية يحيى، من حديث أبي سعيد الخدري.
(٧) هذه المسألة مقتبسة من المقدِّمات الممهِّدات: ٢/ ١٥.
(٨) المقصود هو الإمام ابن رشد الجدّ.
(٩) اكتفى المؤلِّف بذكر قسمين فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>