للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشّافعيُّ (١): إنّه يَخسَرُ.

وقال أبو حنيفةَ (٢): إنّه يَرجِعُ.

وقال مالكٌ (٣) وغيرُه: إنَّ غَرَّهُ منه رجَعَ عليه، وإلّا فلا رُجوع له عليه. وقد قرّرنا ذلك في "مسائل الخلاف" وبيّنّا أنّ الحَوَالةَ نقلُ ذِمَّة إلى ذِمَّة، وليست بمبايعةٌ.

وأمَّا إذا غرَّهُ، فلا إشكالَ في رجوعِه عليه؛ لأنّ أصلَ الحَوَالةِ انبنَى على باطلٍ من الغِشَّ والمُخادَعَةِ، وقد أمرَ النّبيُّ -عليه السّلام- باجتنابِهما، ونهى عن فعلهما، وقال: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" (٤) فوجبّ الحُكم بردِّه.

تتميم (٥):

قد بيَّنَّا أنّ أصل الحَوَالَة الحديث المتقدِّم، حديث أبي هريرة أنّ "مَطْلَ الغَنِيِّ ظُلمٌ، وَإِذَا أُتْبعَ أَحَدُكُم عَلَى مَلِيءٍ فَليَتبَعْ" (٦) وفي هذا الحديث أنّ الغنىَّ لا يحلّ له أنّ يمطل غريمَهُ.

وقال أَصبَغُ: مَطلُ الغنيّ جُرْحَةٌ تردُ شهادتُه بها؛ لأنّ النّبيّ -عليه السّلام- سمّاها ظلمًا (٧)، وقد رُوِيَ عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَه وعِرضَهُ" (٨) فعِرضُه


(١) انظر الحاوي الكبير: ٦/ ٤٢١.
(٢) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٤/ ٢٧٠، والمبسوط: ٢٠/ ١٢٦.
(٣) في المدوّنة: ٤/ ١٤٨ كتاب الحوالة.
(٤) أخرجه مسلم (١٧١٨) من حديث عائشة.
(٥) هذا التتميم مقتبس من تفسير الموطَّأ لبوني: ٩٨/ ب.
(٦) سبق تخريجه في أوّل الباب.
(٧) أورده الباجي في المنتقى: ٥/ ٦٦ ونسبه إلى سحنون.
(٨) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٢٤٠٢)، وأحمد: ٤/ ٢٢٢، ٣٨٨، والبخاري معلّقًا (بعد حديث: ٢٤٠٠)، وأسنده في التاريخ الكبير: ٤/ ٢٥٩ [وانظر تغليق التعليق لابن حجر: ٣/ ٣١٨]، وابو داود (٣٦٢٨ م)، وابن ماجه (٢٤٢٧)، والنسائي في الكبرى (٦٢٨٨)، وابن حبّان (٥٠٨٩)، والطبراني في الكبير (٧٢٤٩)، والبيهقي: ٦/ ٥١ كلهم من رواية عمرو بن الشريد عن أببه. وقال ابن كثير في تحفة الطالب: ٣٦٢ "هذا إسناد جيِّد".

<<  <  ج: ص:  >  >>