للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على غيره به إذا كان مَلِيئًا جازَ، ولا تكونُ محاولةُ الحَوَالَةِ من المَطل، هذا إذا كان له على المُحَال عليه دَيْنٌ ولا يُعتبر رِضَى مَنْ عليه الدَّينُ؛ لأنّه لو وَكَّلَ رجلًا يقبِضُه لجازَ، فالحِوَلُ له وَكالةٌ، وأمّا رِضَى مَنْ له الدَّينُ فإنّه يُعتَبَرُ عند كافّةِ العلماء، وتعلَّق بعضُ التّابعينَ بقول النّبيّ -عليه السّلام-: "فَإِذَا أُتْبعَ أَحَدُكُم عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتبَع" ولم يشتَرِطْ رِضَاهُ بل أمَرَهُ بالاتِّباع.

وقال أبو حنيفة (١): يُعتبرُ؛ لأنّها عنده مبايعةٌ.

وعندنا أنّه نقلُ حقٍّ من ذِمَّةٍ إلى ذِمّةٍ، وقد بيَّنَّا ذلك في "مسائل الخلاف".

ومُطلَقُ قولِ النّبيِّ -عليه السّلام-: "إِذَا أُتبعَ أَحَدُكُم عَلَى مَلِيءِ فَليَتبَع" يقتضي ألَّا يُشتَرطَ رِضَاهُ، بل أمره بالاتباع.

قال علماؤنا: هو محمولٌ على النَّدبِ، بدليل قولِ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - "المُسلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم" (٢). وعموم قولِه تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] (٣) وهذا إنّما عَاقَدَ للمُحِيلِ وعليه شرطُ الثّمنِ، وفي ذِمَّتِهِ أوْجَبَ المالَ، فلا ينتقِلُ عنه إلى غيرِه، فيسقُطَ شرطُه ويتبدَّلَ عَقدُه، إِلَّا برِضَاه، وهذا ما لا جواب لهم عليه.

الثّانية (٤):

فإن رَضِيَ المحالُ بالمحال عليه فخرج عديمًا:


(١) انظر مختصر الطحاوي: ١٠٣، والمبسوط: ٢٠/ ٥٢.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٣٥٣)، والترمذي (١٣٥٢) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، والدارقطني: ٣/ ٢٧ من حديث عمرو بن عوف المزني، وقد ضعّفه ابن حجر في التلخيص: ٣/ ٢٣.
(٣) المائدة: ١.
(٤) انظرها في القبس: ٢/ ٨٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>