للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه ذلك: أنّ الحقوق لا تُعتبر فيها الحرمة، إِلَّا للوالد على ولَده فيما له عليه من الدِّين من حق الأُبُوَّة المُوجِبة للنّفقة، ويُحبسُ سائر القَرَابَاتِ من الأجداد وغيرهم (١).

الخامسة (٢):

فهذا ظهر أنّه لا مَالَ له، فعن ابن القاسم في "العُتبيّة" (٣) أنّه يحلّفه ويطلقه، رواه ابنُ حبيب عن مالك (٤)، ومعنى ذلك: أنّ يشهدَ له الشُّهوَد أنّهم لا يعلمون له مالًا ظاهرًا ولا باطنًا، ويلزمه اليمين؛ لأنّ الشَّهود إنّما يشهدون على العلم، فعليه هو أنّ يحلف على الباطن بالبتِّ، كالرّجل يستحقّ الدّار، فيشهد الشَّهود له على علمهم أنّهم لا يعلمون فَوتَه (٥)، ويحلف هو على الباطن بالبتِّ.

فرع:

وأمَّا من ثبت فَلَسُهُ، فروَى ابنُ وهب عن مالك في "الواضحة" أنّه لا يُحبس إنَّ كان مُعسِرًا لا شيءَ له، وفي "الموّازية": إن عُلِمَ ألَّا شيءَ له، فلا يُحبس حرٌّ ولا عبد.

ووجه ذلك: قولُه تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] الآية (٦).

ولا يُؤاجر المُفلِس في دَيْنه (٧)، خلافًا لابنِ حنبل.

ودلينا قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] الآية (٨). ومن جهة المعنى: أنّ الدِّين


(١) وزاد اللخمي في التبصرة: الورقة (٤٤) "وتُحبسُ النِّساء في الدِّين وغيره بموضع لا يكون فيه رجلٌ، والأمين عليهنّ امراة مأمونة لا زَوجَ لها، أولها زوجٌ مأمونٌ معروفٌ بالخيرِ".
(٢) هذه المسألة مع فرعيها مقتبسة من المنتقى: ٥/ ٨١ - ٨٢.
(٣) ١٠/ ٤١٩ من سماع عيسى بن دينار من ابن القاسم، من كتاب أوّله: نقدها نقدًا.
(٤) في المنتقى: "رواه ابن حبيب عن مُطَرِّف عن مالك".
(٥) أي اضطراب حالته المالية.
(٦) البقرة: ٢٨٠، وانظر أحكام القرآن: ١/ ٢٤٥.
(٧) انظر المعونة: ٢/ ١١٨٣، والممهد للقاضي عبد الوهّاب: ١٥٢/ أ.
(٨) البقرة: ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>