للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبارك وتعالى عن بني إسرائيل في قصة طالوت: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا} الآية (١)، والقاضي أبدًا في حُكم الشّرع لا يكونُ إِلَّا غنيًا أو يُغنَى؛ لأنّ بيتَ المال له ولأمثاله، ومَغنَاهُ فيه، فلمّا حبس بيت المال واحتاج هو وأمثاله إليه ولم يُمَكَّن منه، كان غَنَاءُ القاضي أفضل من فَقرِه.

العارضة (٢):

قال الإمام الحافظ أبو بكر الطّرطوشي بالمسجد الأقصى- طهّره الله- قال: لمّا ولي جدِّي - يعني لأُمِّه - أبو زيد بن الحَشا (٣) القضاء بطُلَيطِلَة (٤)، جَمَع أهلَها وأخرجَ لهم صُندوقًا فيه عشرة آلاف دينار، وأخرج لهم صندوقًا آخر مملوءًا من ثياب حَسَنة، فقال لهم: هذا مالي وهذه ثيابي، فلا تَحْسِبُوا ظهورَ حالي من وِلَايَتِكُم، ولا مَالِي من أموَالِكُم، فنزّهُوهُ عن ذلك.

نازلة أخرى (٥):

وهل يُستقضَى المحدودُ في الزِّنا والقَذف، والمقطوعُ في السّرقةِ إذا كان مرضيّ الحال؟ وهل يَحكُم فيما حُدَّ فيه؟ فجوَّزَ ذلك أَصبَغ، وفرّق بينه وبين الشّهادة. ومَنَعَهُ


(١) البقرة: ٢٤٧.
(٢) انظرها في العارضة: ٦/ ٧٧.
(٣) هو عبد الرّحمن بن محمّد بن عيسى، المعروف بابن الحشا، أصله من قرطبة، رحل إلى المشرق، قال عنه ابن حيّان - فيما نقله عياض في ترتيب المدارك: ٨/ ١٤٣ - " كان بارع العلم، راجحًا عفيفًا، حاضر الشاهد والخاطر".
(٤) يقول ابن بشكوال في الصِّلة: ١/ ٣٢٦ "استقضاه المأمون بن يحيى بن ذي النون بطليطلة بعد أبي الوليد بن صاعد في ٤٥٠، وحمده أهل طليطلة في أحكامه وحسن سيرته، ثمّ صُرِف عنها في سنة ستين، وصار إلى طرطوشة واستقضي بها، ثمّ صُرِف واستقضي بدانية، إلى أنّ توفي بها سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة".
(٥) هذه النازلة مقتبسة من المنتقى: ٥/ ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>