للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الرّابعة:

فإذا كان هذا، فهل يتَّخذُ أوقاتًا يحكمُ فيها أم لا؟ أو يجلس على ما هو أرفق به وبالنّاس ولا يضيق عليه حتّى يصير كالأجير؟

فقد قال علماؤنا (١): لا يجلسُ بين العشاءين ولا في الأسحار، إِلَّا أنّ يحدث أمرٌ لا يؤمن منه، فلا بأس أنّ يأمر فيها وينهى ويسجن. وأمّا على وجه الحُكم بين الخصوم فلا، وقد شّذَّ أشهب فقال في "المجموعة": لا بأس أنّ يقضي بين المغرب والعشاء.

توجيه (٢):

أمّا قول مُطَرِّف وابن المَاجِشُون أنّه يتّخذ أوقاتًا يجلس فيها على ما هو أرفق به، فالمعنى: أنّه ليس عليه الجلوس في ذلك الوقت لإحضار الخصوم وتقييد المقالات؛ لأنّ ذلك لا يقرب، فأمّا ما يُخَاف فواتُه فيلزم الحُكْم فيه.

ومعنى قول أشهب أنّه أباح له ذلك؛ لأنّ تركه من حقوقه، فهذا أراد ذلك فهو مباحٌ له. والأوّل أظهر عندي لِمَا في ذلك من الضَّررِ لمن يدَّعِي في ذلك الوقت، ويشقّ فيه نقل البيِّنات، مع ما في ذلك من الخروج عن العادة.

المسألة الخامسة (٣):

وليس عليه أنّ يقضي النّهار كلّه، قاله في "المجموعة" وقال (٤) في "الموازية": إنِّي أخاف أنّ يُكثِر فيُخطِيء.

وقال في "المجموعة": وُيكْرَه أنّ يقضي إذا دخله هَمٌّ أو نُعاسٌ أو ضَجَرٌ أو جُوعٌ؛ لأنّه يُخَافُ على فهمه إِلَّا أنّ يكون خفيفًا لا يضرُّ بفهمه (٥).


(١) المقصود هما مُطرف وابن الماجشُون كما نصّ على ذلك الباجي في المنتقى: ٥/ ١٨٥، وهذه الفقرة مقتبسة من المنتقي.
(٢) هذا التوجيه مقتبس من المنتقي: ٥/ ١٨٥.
(٣) القسم الأوْل من هذه المسألة - إلى قوله:" فهي كالغضب" مقتبس من المنتقى: ٥/ ١٨٥.
(٤) القائل هو الإمام مالك كما في المنتقى.
(٥) أورده ابن أبي زيد في النرادر والزيادات: ٨/ ٢٤ نقلًا عن المجموعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>