للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئًا، اللَّهُمَّ إِلَّا أنّه قال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبرَأُ إليك مِمَّا صَنعَ خَالد في دمَائِهِم وأَمْوَالِهِم " (١) والمعنى يعضُدُه؛ فإنّ القاضي لو نظر بشرطِ سلامةِ العاقبةِ، وهو لا يُعَوَّل على النّصِّ وإنّما مَبنَى حكمه على الاجتهاد، لكان ذلك باطلًا من وجهين:

أحدهما: أنّه كان يكون تكليف ما لا يُطاق.

والثّاني: أنّه كان يكون تنفيرًا للخلقِ عن الولاية، فتتعطّل الأحكام.

المسألة السّابعة عشرة:

واختلفَ العلّماءُ فيما يخطىءُ فيه الإمامُ من قتل أو جرحٍ على ثلاثةِ أقوالٍ:

١ - فقال الثّوريُّ وأحمد وإسحاق وأصحاب الرّأي (٢): هو على بيت المال.

٢ - والقول الثّاني: أنّ هذا على عاقلة الأرحام، وهذا قول الشّافعيّ (٣).

المسألة الثّامنة عشرة:

هل يكونُ الحاكمُ مصلِحًا أم لا؟

قيل: يكون أكثر جريه إلى الصّلح، لقوله عَزَّ وَجَلَّ: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} الآية (٤)، ولحديث النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه مشَى إلى ناسٍ من الأنصار ليُصلِحَ بينهم (٥).

وقال جماعة المسلمين: إنَّ الصُّلح جائزٌ بين المسلمين، وللحاكم أنّ يُصلِحَ بين الخصوم، وذلك مذهب الشّافعيّ والكوفيّ (٦).

وقال عطاء: لا يحلُّ للإمام إذا تبيِّنَ له القضاء أنّ يُصلِح بين مَنْ تبيَّنَ له القضاء فيما بينهما، وكان أبو عُبَيد إنّما يَسَعُه ذلك في الأمور المُشكلة، وأمّا إذا صارت الحُجَّةُ


(١) أخرجه البخاريّ (٤٣٣٩) من حديث ابن عمر، ولم نجد زيادة "في دمائهم وأموالهم" في مصادر الحديث الّتي وقفنا عليها.
(٢) انظر أدب القاضي للخصّاف مع شرحه للجصاص: ٣٦٤.
(٣) انظر أدب القاضي لابن القاص: ٢/ ٣٨٩.
(٤) النِّساء: ١١٤.
(٥) أخرجه مالك في الموطَّأ (٤٥١) رواية يحيى.
(٦) انظر مختصر الطحاوي: ٣٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>