للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافعيّ (١): يقبله ولا يمتنع من قَبُوله بموته ولا عزله؛ لأنّه تُقبل بيِّنتُه كما يُقبلُ حُكمُه.

وقال أصحاب الرّأي (٢): لا يُعمل به. والحقّ إنفاذه.

نازلة أخرى:

وإذا كتب القاضي إلى القاضي في الحدود، فكان أبو ثور يُجيزُ ذلك في الحدود كلِّها، وهو مذهب الشّافعيّ (٣)، وبه قال ابنُ القاسم (٤) صاحب مالك.

وقال الشّافعيّ (٥): فيها قولان: إنَّ ذلك جائز، والآخر: لا يجوز.

وقال أصحاب الرّأي (٦): لا يُقبلُ كتابُ القاضي إلى القاضي في الحدود.

قال الإمام: والأوّل أصحّ، وأقوى في النّظر أنّه يقبل.

نازلة أخرى: في القضاء على الغائب

وهي مسألةٌ عظيمةٌ اختلف العلماء فيها، فممّن كان لا يرى القضاء على الغائب شُرَيح القاضي، والقاسم، وابن أبي ليلى، والنّعمان (٧)، ويعقوب.

وقال مالك (٨) والبخاري والشّافعيّ (٩) وأبو عُبيد واللّيث وأبو ثور إنَّ ذلك جائزٌ, وقالوا: الدّليل على القضاء على الغائب: أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قَضَى لهند على أبي سفيان، فقال لها: "خُذِي مَا يَكفِيكِ وَوَلَدكِ بِالمَعرُوف" (١٠) وقد بيَّنَّا في "مسائل الخلاف" أنّ هذا وهم عظيم منهم أنّ تعلّقوا بهذا الحديث، وهو لا متعلّق لهم به، وحفقنا أنّها كانت فتوى


(١) في الأم: ١٣/ ٥٦ (ط. قتيبة)، وانظر الحاوي: ١٦/ ٢٣١.
(٢) انظر مختصر الطحاوي: ٣٣٠.
(٣) في الأم: ١٣/ ٥٦ (ط. قتيبة)، وانظر أدب القاضي لابن القاص: ١/ ٣٢٣
(٤) في المدوّنة: ٤/ ٧٧ كتابُ القضاة.
(٥) في الأم: ١٣/ ٥٧.
(٦) انظر مختصر الطحاوي: ٣٣٠، وأدب القاضي للخصاف مع شرحه للجصاص: ٤٤٦ـ
(٧) انظر شرح فتح القدير: ٦/ ٤٠٠.
(٨) في المدوّنة: ٤/ ٧٧ كتابُ القضاة.
(٩) انظر أدب القاضي لابن القاصّ: ٢/ ٣٦٤، والحاوي الكبير: ١٦/ ٢٩٦
(١٠) أخرجه البخاريّ (٥٣٦٤)، ومسلم (١٧١٤) من حديث عالة

<<  <  ج: ص:  >  >>