في أدائها، حتّى صارت في بغداد والشّام ولايةً من قِبَل الإمام والقاضي، وصارت الفتوى مُرسَلَةً، ولا يَشهَدُ ببغداد والشامِ إِلَّا من ولّاه القاضي، ويُفتِي كلُّ من عَلِمَ من غير إذنٍ، وهذه هي المصلحةٌ؛ لأنّ المُفتِيَ إذا زَاغَ فَضَحَهُ العِلمُ، والشّاهدُ لا يَعلَمُ زَيغَهُ إِلَّا اللهُ.
وقَلَب أهلُ بلادِنا في ذلك القَوسَ رَكْوَةً، وسيرةُ بغدادَ أحسنُ وأصلحُ، ولأجل ذلك
كان الشّاهدُ مَنْ جَمَعَ خِصالًا جَمَّةً، وهي خَمسٌ:
١ - البلوغُ.
٢ - الذُّكورية.
٣ - الإسلامُ.
٤ - العدالةُ.
٥ - المُرُوءَةُ.
أمّا "البلوغُ" فأجمعتِ الأُمًةُ عليه؛ لأنّ الصغيرَ قليلُ الضَّبطِ ناقصُ العقلِ يَقبَلُ الخَدِيعَةَ، فلذلك لم تَجُز شهادتُه، ولم يَقُل بجواز شهادتِه أحدٌ فيما علمتُه، إِلَّا عبدُ الله بن الزُّبير فإنّه جوَّزَ شهادةَ الصِّبيَانِ فيما بينهم من الجِرَاحِ، وتابَعَهُ علماؤنا.
واختلَفَ قولُ مالك في القتل، وذكَر في "الموطَّأ"(١) من شروط شهادتِهِم واحدةً، وهو ألَّا يُخَبَّبُوا بعد تفرُّقهم أو يُعَلَّمُوا.
وذكر المتأخِّرون من علمائنا أنّ شروط قبُول شهادة الصِّبيان سبعةٌ:
١ - العقل.
٢ - والإسلام.
٣ - والذُّكورية.
٤ - والحريّة.
٥ - بينهم في الجراح.
٦ - ٧ - واختلف قولُ مالك في القتل قبل التّفرُّدِ اثنان فصاعدًا.
(١) القول (٢١٢٧) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٨٧).