للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأمصار، والأحسن أنّ يحلف في المسجد الجامع (١)، وهو أقوى في النظر للتغليظ.

وأمّا النّصارَى فيحلفون في كنائسهم (٢)، واليهود في بيعِهِم، والمجوس حيث يعظمون، رواه في "الواضحة" (٣) ولا يزيدون على "بالله" شيئًا (٤)، ولا يقولون: لا والَّذي أنزل التّوراة على موسى، ولا والذي أنزل الإنجيل على عيسى (٥).

المسألة السّابعة (٦):

قال علماؤنا: تُغَلَّظُ بالزّمان في غَلِيظِ الأحكام، بعد العصر أو بأثر صلاة، كاللِّعان، فيقصد به بعد الصّلوات وأعظمُها صلاة العصر. وقد اختلف في صحيح الحديث في الصّلاة الّتي نهَى النّبيّ -عليه السّلام- على المتلاعنين باليمين بعدها، هل هي الظهر أو العصر؟ وأصحّ الرِّوايتين سَنَدًا أنّها العصر (٧)، وهي أقوى نظرًا؛ لأنّ ذلك الوقت بعد العصر أعظم من الوقت بعد الظُّهرِ؛ لأنّه وقتٌ تجتمع فيه الملائكة المتعاقبة باللّيل والنّهار، الذين يكتبون أعمالَ العبادِ، فإنْ كتبتها ملائكة النهار كانت خاتمة صحيفته كبيرة، وإن كتبتها ملائكة اللّيل كان افتتاح صحيفته كبيرة، وإن كتباها معًا كان ختام الأولى وافتتاح الأولى شيئًا عظيما وما بعده أعظم منه، إلّا إنَّ عفا الله.


(١) الظّاهر أنّه قد اضطرب النقل هاهنا، ونرى من المستحسن إيراد كلام الباجي كما هو في المنتقى: "وروى ابن سحنون عن مالك: ما علمت أنّه يحلفُ في مساجد الجماعات بالأمصار [في الأصل كالأمصار]، روى عنه ابن القاسم في "كتابُ ابن الموّاز"، يحلف في مساجد الجماعة فيما له بال، ولا أشكّ أنّه يحلف فيها في ربع دينار. قال القاضي أبو الوليد -رضي الله عنه-: فيحتمل عندي أنّ بريد المسجد الجامع".
(٢) قاله مالك في المدوّنة: ٤/ ١٠٤ في استحلاف اليهود والنصارى والمجوس.
(٣) الّذي في المنتقى: "رواه ابن القاسم عن مالك، وقاله مطرِّف وابن الماجشون في الواضحة".
(٤) قاله مالك في المدوّنة: ٤/ ١٠٤.
(٥) قاله مالك في المصدر السابق.
(٦) انظرها في القبس: ٣/ ٩٠٠ - ٩٠١.
(٧) أخرجه الروياني في مسنده: ٢/ ٢٢٢، والبيهقيُّ: ٧/ ٣٩٨ من حديث ابن شهاب أو غيره وذكر ابن حجر في تلخيص الحبير: ٣/ ٢٣٠ أنّ ابن وهب رواه في موطّئه.

<<  <  ج: ص:  >  >>