للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثّانية (١):

قال ابنُ القاسم فيمن غصَبَ دارًا فلم يسكنها حتّى انهدمت: إنّه ضامنٌ لها ولقيمتها، خلافًا لأبي حنيفة في قوله: إنَّ مَا لَا يصحُّ نقلُه (٢) لا يضمن بالغَضبِ.

ودليلُنا: أنّ هذا معنى يضمن به* ما ينقل ويحول، فضمن، به* ما لا ينقل، كالإتلاف والاستهلاك. قاله أشهب، وإن هلك بأمر من الله (٣).

المسألة الثّالثة (٤):

فيمن غصب أمّ ولد رَجُلٍ فماتت عنده، ففي "العُتبيّة" (٥) عن عيسى عن ابن القاسم؛ أنّه يضمن قيمتها على أنّها أَمَة لا عتق فيها. وقال سحنون في "المجموعة": لا يضمنها ويضمن ولدها (٦).

تنقيح (٧):

فوجه الأوّل: أنّها محبوسة بالرِّق، فضمنت بالغَضبِ كالأمَة. ولأنّ ابنها له

حكمها، وقد أجمعنا أنّه يضمن بالغَصب، فكذلك الأمّ.

ووجه الثّاني: أنّه لا يصلح بيعها بوجهٍ، ولا تسلّم في جناية، فلم تُضمَن كالحُرَّة، وفرقُ بينها وبين وَلَدِها؛ بأنّها لا تسلم في الجِنَاية ولا تستخدم، وولدها يُستخدَم ويُسلَّم في الجناية، فالغاصبُ له قد حبسّ منافعه، فلزمه ضمانه.


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٥/ ٢٧٣.
(٢) وذلك كالأرضين والعقار.
(٣) ووجه ذلك: أنّ الغصب تعدَّ يضمن به الغاصب، فعليه أنّ يردّ ما غَصّبّ ويسلّمه إلى صاحبه، فإن لم يفعل وفاته ذلك، فعليه بدله من مثل أو قيمة إنَّ كان ممّا لا مثل له.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٥/ ٢٧٣.
(٥) ١١/ ٢٤٢ في سماع عيسى من ابن القاسم، من كتابُ أوله: يوصي لمكاتَبه بوضع نجم من نجومه.
(٦) أي يضمن ولد أم الولد.
(٧) هذا التنقيح مقتبس من المنتقي: ٥/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>