للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنّما أراد ابنُ القاسم بقوله: "ليس العمل على قول عمر" ألَّا يجعل ذلك حَدًّا، ولم يردّ عمر ذلك، وإنّما أشار إلى قِلَّةِ مؤنته ويسارة وراثته في ماله إنَّ كان له مال، أو بيت المال إنَّ لم يكن له مال.

المسألة السَّابعة (١):

قوله (٢): "اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُر، وَلَمْ أَرْضَ إِذ وَصَلَنِي". فإنّه تبرّأَ من الأمر وصرَّح بخطأِ فاعله، ولا يكون ذلك إلّا بنصٍّ من النّبيِّ -صلّى الله عليه وسلم- أو إجماع بعده. وقد قال سحنون: إنَّ أبا بكر استتاب أهل الرِّدَّة.

وقد رَوَى عيسى عن ابنِ القاسم؛ أنّ الصِّدِّيق استتاب أمّ قرفة إذ ارتدّت فلم تَتُب فقَتَلَها، فلعلَّه قد عَلِمَ بانعقادِ الإجماع على ذلك (٣)، وفعلَ أبو موسى غير ذلك فأنكره عليه، وإلّا فإذا كان أبو موسى منَ أهل الاجتهاد، وحَكَمَ باجتهاده فيما لا نصَّ فيه ولا إجماع، لم يبلغ عمر من الإنكار هذا الحدّ، ولو لم يجز (٤) له ذلك، لما جاز أنّ يولِّيه الحُكم حتّى يطالعه على قصَّتِه، وفي هذا من فساد الأحوال والتّوقُّف ما لا خَفَاءَ فيه.


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٥/ ٢٨٤.
(٢) أي قول عمر في الموطَّأ.
(٣) في زمن أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه.
(٤) أي لأبي موسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>