للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاس، ثمّ سأله عمّا عسى أنّ يطرأَ ممّا يُستَغرَب، فأخبره أنّ رَجُلًا كفر، وهذا يقتضي أنّ هذا كان نادرًا عندهم، ولذلك حكمَ فيه أبو موسى بحكمٍ مخالِفٍ لمّا رواه عمر.

وقوله (١):"فَضَرَبنَا عُنُقَهُ" ولم يذكر استتابته، وقد كان يحتمل في أنّ يقتل بعدها، ولكن عمر فهم منه تركها، وقدِ احتجَّ علماؤُنا على وجوبها بقول عمر هذا وأنّه لا مخالفَ له، وهذا لا يصحّ إلّا بأحد وجهين: إمّا أنّ يُحمَل فعلُ أبي موسى على أنّه قُتِلَ بعد الاستتابة، ولعلّ النّاقل للخبر لم يعلم بهذا، وإن ثبت رجوعُ أبي موسى ومن وافقه، وإلّا فخلافُه بمنع انعقاد الإجماع على قول عمر.

المسألة السّادسة (٢):

قوله (٣): "هَلَّا حَبَسْتُمُوهُ ثَلاثًا" يحتمل أنّ يأخذها من قول الله تعالى: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} الآية (٤)، ولأنّها قد جعلت أصلًا في الشّرع في اعتبار معانٍ في المُصَرَّاة والاستظهار والعدّة، وغير ذلك.

وأمّا قولُه (٥): "هَلَّا أَطعَمتُمُوهُ رَغِيفًا" ورُوِيَ عن ابنِ القاسم (٦) أنّه قال: ليس العملُ على قول عمر، ولكن يطعم ما يكفيه ولا يجوع، وإنّما يطعم من ماله.

وقال ابن مزين: يعني بغير تَوَسُّعٍ ولا تَفَكُّهٍ (٧).

وقال مالك (٨): يقوت من الطّعام بما لا يضرّه.


(١) أي قول عمر في الموضع السابق.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٥/ ٢٨٤.
(٣) أي قول عمر في الموطَّأ بلفظ: "أفلا ... ".
(٤) هود: ٦٥.
(٥) أي قول عمر.
(٦) رُوِيَ في "المَدَنِيَّة"، كما نصَّ على ذلك الباجي في المنتقى، كما أورده البوني في تفسير الموطَّأ: ١٠١/ ب نقلًا عن ابن مزين.
(٧) أورده البوني في المصدر السابق نقلًا عن ابن مزين، بلفظ: "في غير تنعم ... ".
(٨) في "الموازية" كما نصّ على ذلك الباجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>