للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدةُ الثّانية: أنّه روي "بَينَ أَكنَافِكُمْ" بالنوّن والتّاء، والصّحيح التّاء (١)؛ لأنّه لمّا أخبرهم بها أعرضوا عنه وتولّوا مُدْبِرِينَ، فقال لهم: إنِّي أرمي بها بين أكتافكم، أي: في ظهوركم كما رميت بها في وجوهكم.

نكنة في الإسناد (٢):

وهو أنّ يونس بن عبد الأعلى سأل ابن وهب، كيف يروي هذا الحديث "خَشَبَة" بحال الإفراد. أو خَشَب على الجمع؟ قال: الّذي سمعتُ من جماعةٍ: خَشَبَة على لفظ الواحد، وهو الصّحيح؛ لأنّ وضع خشبة واحدة مرفق .. وهو الّذي يحتاج إليه السّائل. وأمّا خُشْبٌ؛ فهو زيادةٌ واستكثارٌ يُوجبُ له استحقاق الحائط ويشهد له وضع الخَشَبِ لذلك، فلم يكن داخلًا في الحديث ولا مندوبًا إليه.

الفقه في مسائل:

المسألة الأولى (٣):

اختلف العلّماءُ في هذا الحديث، فجوَّزَهُ الشّافعيّ (٤) في أحَدِ قولَيْه، وقال: له أنّ يضع خشبة على جدار جارِهِ. وزاد أحمد بن حنبل (٥) ويقضي عليه بذلك، لقوله -عليه السّلام-: "فَلَا يَمْنَعْهُ" فهذا نهيٌ ومقتضى الأصل (٦) التّحريم.

قلنا: هو محمولٌ على النَّدْبِ في الإِذن في ذلك، *والكراهة إذا منع لمّا للجار من المحافظة وحرمة* التّوسعة فيما يعرض من حاجة، فيجتهد لجاره في ذلك. وقد


(١) وهو الّذي صححه ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٠/ ٢٢١.
(٢) انظرها في العارضة: ٦/ ١٠٦.
(٣) انظرها في العارضة: ٦/ ١٠٥ - ١٠٦.
(٤) انظر شرح النوويّ، على مسلم: ١١/ ٤٧.
(٥) انظر المغني لابن قدامة: ٢٤/ ٣٢٤ (ط. الفكر).
(٦) أي مقتضى أصل النّهي.

<<  <  ج: ص:  >  >>