للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا قال أبو حنيفة (١).

وقال الشّافعيّ: هو على الوجوب إذا لم يضرّ بجداره، وبه قال ابن حنبل. ودليلُنا: أنّ الجدار ملك موضُوعُه المُشاحّة، فجاز له أنّ يمنعه (٢)، كركوب دابّته ولباس ثوبه.

حديث عَمرٍو بن يَحيى المَازنيّ (٣)، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ الضَّحَّاكَ بنَ خَلِيفَةَ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ خَلِيجًا مِنَ العُرَيضِ، فَأَرَادَ أَنْ يَمرَّ بِهِ في أَرضِ محَمَّدِ بن مَسلَمَة، فأَبَى مُحَمَّدٌ، فَقَالَ: لَا. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لِمَ تَمنَعُ أَخَاكَ ما يَنفعُهُ؟ وَهُوَ لَكَ نَافِعٌ تَسقِي بِه أَوَّلَا وآخِرًا، وهُوَ لَا يَضُرُّكَ. فَقَالَ مُحَمّدٌ: لَا، وَاللهِ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللِه لَيَمُرَّن بِهِ وَلَو عَلَى بَطْنِكَ. فَأمَرَهُ عُمَرُ أنّ يُمِرَّ بِهِ، فَفَعَلَ الضَّحَّاكُ.

عربيّة:

قولُه:؛ "خَلِيجًا" الخليجُ: النّهرُ الصّغير (٤). وقال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- حين انصرف من قراءته: "أَيُّكُم خَالَجَنِيهَا" (٥) فالخَلْجُ؛ الجَذبُ، يقال: خَلَجتَ الشَّيءَ وأَخلَجْتَهُ، أي: جَذَبتَه إليك، ومنه الخليجُ من النّهر كأنّه جُذِبَ منه، والرّبيعُ: السّاقية.

الفوائد: وهي ثلاث

الأولى (٦):

فيه: مراجعةُ الخَصم الإمامَ ومراجعةُ الإمامِ الخَصْمَ فيما يحتمل به التّأويل، وانقياد الخَصم عند عزم الإمام الأَعدل.


(١) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٤٠١.
(٢) أي يمنع منافعه بغير ضرورة.
(٣) في الموطَّأ (٢١٧٣) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٨٩٧)، وسويد (٢٧٩)، ومحمد بن الحسن (٨٣٦).
(٤) هذا الشرح هو للبوني في تفسير الموطَّأ: ١٠٤/ ب.
(٥) أخرجه مسلم (٣٩٨) من حديث عمران بن حصين.
(٦) هذه الفائدةُ مقتبسة من تفسير الموطَّأ للبوني: ١٠٤/ ب - ١٠٥/ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>