للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المعنيين أنّهما بمعنى العُمرَى. وقد اختلف فيها قول ابن القاسم (١).

توجيه:

وجه الأوّل: أنّ التحبيس إنّما يقتضي هِبَة المنافع، فهذا قال: على فلان، اقتضى ذلك اختصاصها به دون غيره، وذلك يقتضي أنّه إنّما وَهَبَهُ المنافع، وذلك معنى العُمرَى.

وجه الثّاني: أنّ لفظ التّحبيس يقتضي المنع من رجوع المنافع إليه؛ لأنّ معنى التحبيس أنّ تكون (٢) محبوسة في وجوهٍ نصَّ عليها. فهذا حَبَّسَها على فلان انصرفت إليه مدّة العمر، فهذا انقضَى عُمره لم ترجع إلى المُحَبِّس؛ لأنّ معنَى الحَبس يمنع ذلك.

فإن كان المُحَبِّسُ حيًّا، ففي "الموّازية" عن مالك: * يُسأَل عما أراد من عُمرى أو حبس، فيحمل على ذلك ويُقبل قولُه فيه. فإن مات قبل أنّ يُسْأَل* فإنّه (٣) اختار أنّ يكون ميراثًا لورثته، ويجب أنّ يجري في ذلك الخلاف المتقدِّم، وإنّما قبِلَ قولُه لأنّه احتمل الوجهين جميعًا.

فرع:

ومن قال: داري حَبسٌ لا تُباع ولا تُوهَب ما عاش المُحَبَّس عليهم، ففي "الموّازية" عن مالك: أنّه حَبْسٌ مُؤَبَّدٌ.

ووجه ذلك: أنّ قوله: لا تُباع ولا توهب ما عاش، تصريحٌ بالتأبيد وإن كان قد


(١) قوله: وقد اختلف فيها ... الخ، هو من قول محمّد في الموّازية، نصّ على ذلك الباجي.
(٢) المنافع.
(٣) أي ابن الموّاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>