فإن قيل: أنتم لا تقولون بهذا الحديث؛ فإنّه لو قوّم عليه الحاكم نفذ العتق وإن لم يقبض الشّركاء شيئًا، فقد تركتم ظاهر الحديث.
قلنا: المراد بالتّقويم والإعطاء نفس التّحصيل بتَقدِير الوجوب، لئلّا يفوت الرِّقّ على سيد العبد ولا يأخذ له عِوَضًا، فإذا وقع الحُكمُ بالقيمةِ استقرّتِ العوضيّة وتحقّق الجَبْر، وصارت صورة القبض حينئذٍ لا معنى لها، والأحكامُ إنّما تثبتُ بمعانيها لا بصُوَرِها. ولهذا قال علماؤنا: إنّه يقوّم العبد بكمال الرِّقَّ لا مُبَعَّضًا، ولهذا قيل: إنَّ التّقويم حقّ العبد، فإذا اختار السَّيِّد العِتقَ كان له. أمّا إنّه * قد اختلف علماؤنا فيما إذا رَضِيَ الشّريك بالتّقويم حالة العُسْرِ*، فقال محمّد: ذلك له. وفي "الكتاب": ليس له، وهو الأقوى من ظاهر الحديث.
وكذلك اختلفوا أيضًا إذا كان الشَّريكُ بالخِيَار فاختارَ العِتق، لم يكن له رجوعٌ إلى التّقويم، فإن اختار التّقويم لم يكن له رجوعٌ إلى العِتق، لأجل حقّ الأوّل في الولاء. وقال الأكثر من علمائنا: له الرّجوع إلى العِتق؛ لأنّه تصرّف قبل الحُكم.
وكذلك اختلفوا أيضًا إذا كان العبد مسلمًا والسّادة كفارًا، هل يقضى بالتّقويم أو لا؟ والصّحيح أنّه يقضى به؛ لأنّه حُكمٌ بين كافر ومسلم.