للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلق عليه في أصل الخِلْقَة المعتادة (١)، وأَنَّ (٢) السّكران إذا قصد إلى القتل قُتِلَ؛ لأنّه يبقى له من العقل ما يثبت به عليه القصاص وسائر الحقوق، ولو بلغ حدّ الإغماء الّذي لا يصحّ معه قَصْدٌ لكانت جنايَتُه كجنايةِ المُغمَى عليه والنّائم، وفي "العُتبيّة" (٣) عن ابن القاسم أنّه قال: "يُقادُ من السّكران ولا يقادُ من المجنون والصَّبِيِّ" يريد: الجنونَ المطبقَ، والصَّبِيِّ الّذي لا يَعْقِل ابن سنة ونصف.

المسألة الثّالثة (٤):

قوله (٥): " أَحْسَنُ شَيءٍ سَمِعتُ في هَذِهِ الآيَةِ، قوله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} (٦) هو على ما قال، يريد أنّ ذلك في الذُّكور والإناث؛ لأنّ الآية تقتضي القِصّاصَ بين الإناث كما تقتضي (٧) بين العبيد والأحرار، فإنَّما يثبت بغير هذه الآية؛ لأنّ الآية إنّما تقتضي إثبات الأحكام المنصوص عليها من القِصَاص بين الأحرار والعبيد وبين الذكور والإناث، ولا يمنع القصاص بينهم في ذلك، وإنّما يثبت ذلك بسائر أدِلَّة الشَّرعِ. والذي عليه الجمهور؛ أنّ الحرّ لا يُقْتَلُ بعَبْدِه ولا بعَبْدِ غيرهِ.

وروي عن النَّخعي أنّه يُقْتَل بعبده (٨). وتعلّق بالآية بدليل الخطّاب (٩).


(١) يقول البوني في المصدر السابق:"وحقيقةُ السّكر لا يُستطاع الوصول إلى علمها، وإنّما هو أحد رجلين: إمّا رجل يبلغُ حدًّا لا يستطيع معه فعل شيءٍ. أو يكون معه من عقله ما يصحّ معه مرادُه وقصدُه فتلزمه أفعاله".
(٢) من هنا إلى آخر المسألة مقبسٌ من المنتقي: ٧/ ١٢٠.
(٣) ١٦/ ١٤٤ في سماع عيسى بن دينار من ابن القاسم، من كتاب العشور.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٧/ ١٢١.
(٥) أي قول الإمام مالك في الموطَّأ (٢٥٦٠) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٣٢٥).
(٦) البقرة: ١٧٨.
(٧) تتمّة الكلام كما في المنتقى: "القِصَاص بين الذّكور، وأن ذلك لا يمنع القِصَاص بين الذكور والإناث، وإِن مَنعَ القصاصَ".
(٨) رواه ابن أبي شيبة (٢٧٥١٧).
(٩) عبارة الباجي: "وتعلّق في إثبات ذلك من الآية بوجهين: أحدهما من جهة الحصر لمن فعل، الألفُ واللّام من حروف الحصر. والثّاني: من جهة دليل الخطاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>