للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (١) فرأى عمر أنّ حد العبدِ في الفِريةِ كحد الحُر، وهذا يخالِفُ ما رُوِيَ عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن عمر بن الخطّاب وعثمان والخلفاء، إلى زمنه، كانوا يجلدون العبدَ في القَذْفِ أربعين، نصفَ حدّ الحُرِّ (٢). وقال به مالك في العبد ومن فيه بقيّة رِقٍّ.

ودليلُنا: أنّه حدّ يتبعَّضُ، فكان حدُّ الحُرِّ ثمانين، وحدُّ العبدِ نصف حدّ الحرّ، كحدّ الزِّنَا.

المسألة الرّابعة (٣):

قول مصباح (٤) لابنه: "يَا زَانِي" قَذفٌ له، وكذلك مَنْ قال ذلك لغيره فإنّه قاذفٌ له. فإن قال: أردت أنّه زَانِيءٌ في الجَبَلِ (٥). قال أَصبَغٌ: عليه الحدّ ولا يُقْبَلُ قولُه (٦). وقال ابنُ حبيب: يحلفُ.

وقال مالك: يُجْلَدُ الأبُ لقَذْفِ ابنه بما يخصّه من القَذْفِ، وبه قال أصحابُ مالك، إِلَّا ما رَوَى ابنُ حبيبٍ عن أَصْبَغ: أنّه لا يُحَدُّ الأبُ به أصلًا، وبه قال أبو حنيفة (٧)، والشّافعيّ (٨).

ودليلُنا: قولُ مالكٍ، ووجهُ تعلُّقِهِ: أنّه يُقْتَل به إذا أقرَّ بقتله، وكذلك يُحَدُّ بقذفه إذا


(١) النور: ٤.
(٢) أخرجه مالك في الموضع السابق، ورواه عنه عد الرزّاق في مصَنَّفِه (١٣٧٩٤).
(٣) هذ. المسألة مقتبسة من المنتقى: ٧/ ١٤٧.
(٤) في الموطَّأ (٢٣٩٦) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٧٨٠).
(٥) بمعنى أنّه صاعِدٌ إليه.
(٦) تتمّة كلام أصبغ كلما في المنتقى: "إِلَّا أنّ يكونا كانا في تلك الحال وبين أنّه الّذي أراده، ولم يقله مشاتمةً".
(٧) انظر مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٣١٧، والمبسرط: ٩/ ١٢٣.
(٨) انظر الإشراف لابن المنذر: ٢/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>