للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان محصنًا كالأجنبيّ.

وقول أَصبَغ يحتمِلُ أنّ يكونَ مبنيًّا على قول أَشهَب: لا يُقتَلُ الأبُ بابنِهِ.

فإذا قلنا: إنّه يُحَدُّ به؛ فإنّ ذلك يُسقِطُ عدالةَ الابنِ، رواه محمّد، وتعلّق بقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (١).

المسألة الخامسة (٢):

ومَن قذفَ مجهولًا فلا حدَّ عليه، قاله محمّد. ولو قال رجلٌ لجماعة: أحدُكُم زانٍ، لا حدَّ عليه؛ إذ لا يعرف من أراد. وإن قاموا بذلك، فقد قيل: لا حدَّ عليه، وإن قام به أحدهم فادّعى أنّه أراده، كُلِّف البيان. ولو عرف من أراد، لم يكن للإمام أنّ يحدَّه إِلَّا بعد أنّ يقوم عليه، ومعنى ذلك: أنّ القذفَ من شروط وجوبه أنّ يقوم به وليّه. وكذلك لو سمع الإمام رَجُلًا يقذف رَجُلًا لم يكن عليه أنّ يعرفه، فإذا قام به وثبت عنه، تعلَّقَ به حقّ الله، ولم يكن لِوَلِيِّهِ العفو عنه.

المسألة السّادسة (٣):

وقولُه (٤) في قاذف الجماعة: "لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا حدٌّ وَاحِدٌ" وبه قال مالك وأصحابه (٥)، سواء كانوا مجتمعين أو مفترقين، فحدّ لهم أو لأحَدِهِم.

ووجهه: أنّه حدٌّ من الحدود متداخِلٌ كحدِّ الزِّنا والسّرقة، وبهذا فارقَ حقوقَ الآدميِّين فإنّها لا تتداخل.

وقال ابنُ القاسم في "العتبية" (٦): من قذف قومًا وشرِبَ خمرًا إنّه يجزئه حدٌّ واحدٌ.


(١) الإسراءِ: ٢٣.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٧/ ١٤٩.
(٣) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٧/ ١٤٨ - ١٤٩.
(٤) أي قول هشام بن عُرْوَة عن أبيه في الموطَّأ (٢٣٩٨) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٧٨٢).
(٥) تتمّة الكلام كما في المنتقى: "في غير ما كتاب".
(٦) ١٦/ ٣١٣ في سماع عيسى بن دينار من ابن القاسم، من كتاب العرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>