للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأُترُجَّةُ كانت ممّا تُؤكَل، كذلك قال غيرُ واحدٍ من العلّماءِ (١).

تنبيه على وهم (٢):

قال ابنُ شعبان: كانت أُترُجَّة من ذهب مثل الحِمَّصَة، وظاهرُ الحديثِ على خلاف ما قال، وذلك أنّ عثمان أمر بتقويم الأُترُجَّة، ولو كانت من ذهب ما أَمَرَ بتقويمها وإنّما كان يأمر بوزنها؛ لأنّ الذّهب لا يُقوَّمُ بغيره؛ لأنّه ثمن للأشياء، وإنّما يُعتبَرُ بنفسه لا بغيره. وهذا لا خلافَ فيه؛ لأنّ الذّهب يُعتَبرُ وَزنُه (٣)، فكان النّبيُّ المُبَيِّنُ عن الله في مقدار ما تُقطَعُ فيه اليد.

المَعقِدُ الثّاني:

قالت طائفة لا يُؤبَهُ بها: إنَّ القطعَ لا يقفُ على أخذِ المالِ من الحِرْزِ، لعموم هذه الآية، وهي مُصَادمةٌ للإجماع السّابق من الأُمَّة قبلَهم، مع أنّه ورد أمران:

أنا الأوّل: فإنّ السّرقةَ تقتضي أنّ يكون معها من يحفظُها، بخلاف الآخذ. وإذا لم يكن هنالك حافظ لم يكن هنالك سارقٌ. ولأجل هذا لم يُعَدَّ آخِذُ المالِ المُلقَى على الطّريق أو المطروح في المفَازَةِ سارقًا؛ لأنّه لم يكن له حافظٌ.

والثّاني: قولُ النّبيّ -عليه السّلام-: "لَا قَطعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ، إِلَّا مَا آوَاهُ الْجَرِينُ" (٤)


(١) قاله الباجي في المنتقى: ٧/ ١٦٠.
(٢) هذا التنبيه مقتبس من تفسير الموطَّأ للبوني: ١١٤/ ب.
(٣) في نفسير الموطَّأ: "لأنّ الذّهب لا يعتبر بغيره وإنّما يعتبر بوزنه".
(٤) لم نجد. بهذا اللّفظ، وأخرج مالك في الموطَّأ (٢٤٣٢) رواية يحيى، بلفظ: "لا تطع في ثمر ولا كثر"، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٧٩٤)، ومحمد بن الحسن (٦٨٤)، والقعنبي عند الجوهري (٨٢٠)، وابن وهب عند الطحاوي في شرح معاني الآثار: ٣/ ١٧٢، وابن بكير عند البيهقي: ٨/ ٢٦٦.
أمّا عبارة: "إِلَّا ما آواه الجرين" فأخرجها من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه - ضمن حديث طويل-: ابن الجارود (٨٢٧)، والحاكم: ٤/ ٤٢٣ (ط. عطا) وقال: "هذه سنة تفرد بها عمرو بن شعيب بن محمّد، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر". كلما أخرجها أيضًا البيهقي: ٤/ ١٥٢، ٨/ ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>