كتاب المسالك في شرح موطأ مالك

كتاب الجامع - ج: 7 - ص: 171

واستُدِلَّ أيضًا (١) بدعاء النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في الحديث الّذي خرَّجه البزّار عن عبد الله بن عديّ بن الخيار (٢) الزّهريّ، أَخبَرَهُ أنّه سمع رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يقول -وهو واقف بالحَزوَرةِ (٣) من سوق مكّة -وهو يقول: "وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيرُ أَرضِ الله، وَأَحَبُّ أَرْضِ الله إلَى الله، ولَولَا أَنِّي أُخرِجتُ مِنكِ مَا خَرَجتُ" (٤) وهكذا رواهُ صالحُ بن كيسان (٥) وجماعة (٦) عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عدي بن الخيار (٧): أنّه سمع من النّبيّ -عليه السّلام- مثله، وهو حديثٌ لا يختلف أهل العلم في صِحَّتِه.

وأمّا ما رُوِيَ عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال حين خرج منِ مكّة إلى المدينة: "اللَّهُمَّ إِنكَ تَعْلَمُ أَنَّهُم أَخرَجُونِي مِن أَحَبِّ البِلَادِ إِليَّ، فأَسكِنِّي فِي أحَبِّ البِلَادِ إِلَيكَ" (٨) فَهُوَ حديثٌ

---

(١) الفقرتان التاليتان مقتبستان من الاستذكار: ٢٦/ ١٦ - ١٧ بدون عبارة "أخرجه البزار" الواردة في السَّطر الأوّل.
(٢) كذا بالنُّسخ والمطبوع من الاستذكار، والصواب: (ابن عديّ بن الحمراء) والظّاهر أنّ هذا الوهم قديم، فقد قال إسماعيل بن إسحاق القاضي: "عبد الله بن عدي بن الحمراء قرشىٌّ زُهريٌّ، هو الّذي سمع رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - بالحزورة قولَهُ في فضل مكّة، وليس هو عبد الله بن عدي الّذي روى عنه عبيد الله بن عدي بن الخيار" عن تهذيب الكمال: ٤/ ٢٠٧. وقال المزي في الكتاب المذكور عن ابن عبد البرّ أنّه قال: "وقد جعل بعضُ النَّاس هذا والذي قبله واحدًا، وذلك خطأ وغلط، والصواب ما ذكرناه".
(٣) انظر معجم البلدان: ٢/ ٢٥٥.
(٤) أخرجه أحمد: ٤/ ٣٠٥، وعبد بن حميد (٤٩١)، والدارمي (٢٥١٣)، والترمذي (٣٩٢٥) وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب"، والنسائي في الكبرى (٤٢٥٢ - ٤٢٥٣)، وابن حبّان (٣٧٠٨)، والحاكم ٣/ ٧ وقال: "صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٦٢٢)، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٢/ ٢٨٨، ٦/ ٣٢، والمزي في تهذيب الكمال: ٢٠٧/ ٤ - ٢٠٨.
(٥) انظر هذا الطريق في تهذيب الكمال: ٤/ ٢٠٧.
(٦) انظرهم في الاستذكار: ٢٦/ ١٦.
(٧) انظر تعليقنا السابق رقم: ٢.
(٨) ذكره الزركشي في إعلام الساجد: ١٨٩ - ١٩٠ وعزاه إلى ابن وهب في موطِّئِهِ من طريق ابن زبالة، كما ذكره ابن حزم في المحلّى: ٧/ ٤٥٣.