للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرَ أَخبَرَهُ؛ أَنَّهُ زَارَ عَبدَ الله بنَ عَيَّاشٍ فَرَأَى عِنْدَهُ نَبِيذًا وَهُوَ بِطَريقِ مَكّةَ، فَقَال لَهُ أَسلَمُ: إنَّ هَذَا الشَّرابَ يُحِبهُ عُمَرُ، فَحَمَلَ عَبدُ الله بنُ عَيَّاشٍ قَدَحًا عَظِيمًا، فَجَاءَ بِه عُمَرَ فَوضَعَهُ في يَدِهِ، فَقَرَّبَهُ عُمَرُ إلَى فِيهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا الشَّرَابَ طَيِّبٌ فَشَرَبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ رَجُلًا عَنْ يَمِينِه، فَلَمَّا أَدبَرَ عَبدُ الله نَادَاهُ عُمَرُ فقَالَ: أأَنتَ القَائِلُ لَمَكَّةُ خَيرٌ مِنَ المَدِينَةِ؟ فقَالَ عَبْدُ الله: هِيَ حَرَمُ الله وَأَمْنُهُ وَفِيهَا بَيْتُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: لا أَقُولُ - في بَيتِ الله ولَا في حَرَمِهِ شَيئًا - ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ ذَلِكَ مَرَّةً أُخرَى ثُمَّ انْصَرَفَ.

الإسناد (١):

قال الإمام: رُوِي هذا الخَبَر في موطَّأ ابن بُكَير ويحيى، عن مالك، عن يحيى بن سعيدٍ، عن ابن القاسم. ورواه القَعنَبِيُّ، عن مالك، عن ابن القاسم، ولم يذكر فيه يحيى بن سعيد.

الفوائد المطلقة:

وهي أربع فوائد:

الفائدةُ الأولى (٢):

أمّا النَّبيذ الّذي قال فيه عُمَر: "إنَّ هَذَا الشَّرَابَ طَيِّبٌ"، فقد مضَى في كتابِ الأشربةِ (٣) ما يُفَسِّرُ الطَّيِّبَ من غير الطَّيِّبِ، فكلُّ شرابٍ حُلوٍ لا يُسكِرُ الكثيرُ منه فهو الطَّيِّبُ، وما يُسكِرُ منه فهو خبيثٌ لاطَيِّبٌ.

الثّانية (٤):

وأمّا مناولته اليمين، فهو من حُسْنِ الأدبِ (٥)، وسيأتي في موضعه.


(١) كلامه في الإسناد مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ٦٤.
(٢) هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ٦٤.
(٣) صفحة: ٣٤٦ من الجزء: ٥
(٤) هذه الفائدةُ مقتشة من الاستذكار: ٢٦/ ٦٤.
(٥) الّذي في الاستذكار: "وأمّا مناولةُ عمر من عن يمينه فَضْلَةَ شرابه، فهي السُّنَّةُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>