للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو القَدَرُ تخافونَه، وليس منه بُدٌّ (١).

وقال ابنُ عبّاس في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} (٢) قال: كانوا أربعةَ آلافٍ خرجوا فِرَارًا من الطّاعون فماتوا، فدَعَا الله نبىٌّ من الأنبياء أنّ يُحيِيَهُم حتّى يَعبُدُوهُ، فأحياهُم الله (٣).

وقال عَمْرُو بنُ دينارٍ في هذه الآية: وقع الطّاعونُ في قريتهم، فخرج أُنَاسٌ وبَقيَ أُناسٌ، فمن خرج أكثر ممّن بَقِيَ، قال: فنجا الّذين خرجوا، وهلك الّذين أقاموا، فلمّا كانتِ الثّانيةُ، خرجوا بأجمعهم إِلَّا قليلًا، فأماتَهُم الله ودَوَابَّهُم، ثمّ أحياهم الله، فرجعوا إلى بلادهم وقد توالدت ذرِّيَّتُهُم (٤).

وقال بعضهم (٥): بقال إنّه قَلَّ ما فَرَّ أحدٌ من الطّاعونِ فسَلِمَ من الموتِ، قال (٦): وهربَ عَمرُو بن عُبَيد وَرَباطُ بن محمّد بن رَبَاط من الطّاعون، فقال إبراهيم بن علي الفُقَيمِيّ:

وَلَمَّا اسْتَفَزَّ المَوتُ كُلَّ مُكَذِّبٍ ... صَبَرتُ وَلَم يَصبِر رَبَاطٌ وَلَا عَمرُو

ولقد أحسن أبو العَتَاهِيّة في قوله (٧):

كُلٌّ يُوَافِي بِهِ القضَاءُ اِلَى المو ... تِ وَيُوفِيهِ رزقهُ كَمَلَا


(١) أورده ابن عبد البرّ في التمهيد: ٦/ ٢١٣، كما أورده ابن حجر في بذل الماعون: ٢٨١ عزاه إلى التلمساني في شرح الموطَّأ بلفظ: " ... وليس منه مفرّ".
(٢) البقرة: ٢٤٣.
(٣) رواه ابن عبد البرّ في التمهيد: ٦/ ٢١٣ - ٢١٤، من طريق الفريابي في تفسيره" بسَنَدٍ صحيح كما ذكر ابن حجر في بذل الماعون: ٢٣٣، كما أخرجه الطّبريّ في تفسيره: ٥/ ٢٦٦ - ٢٦٧ (ط. شاكر) من حديث ابن عبّاس، والحاكم: ٢/ ٢٨١ وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
(٤) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: ٦/ ٢١٤ من طريق الفريابي، وأخرجه الطّبريّ: ٥/ ٢٧٤ (ط. شاكر) بسند صحح كلما ذكره ابن حجر في بذل الماعون: ٢٣٦.
(٥) هو المدائني، نصّ على ذلك ابن عبد البرّ في الاستذكار والتمهيد: ٦/ ٢١٤، وانظره في إكمال المعلم: ٧/ ١٣٤.
(٦) القائل هو المدائني كلما في التمهد: ٦/ ٢١٥. وانظر هذا القول في التعازي والمراثي للمبرد: ٢١٣.
(٧) لم نجد هذه الأبيات في ديوانه المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>