للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُثِيبَ على بحثه وسؤاله عن العِلْمِ.

قال الشّيخ أبو عمر - رضي الله عنه (١) -: "لم يمتنع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجوابِ له، لِمَا يخافُ عليه من اخْتِرَامِ المَنِيَّةِ؛ لأنّ الله تعالى قد أنبَأَهُ* بأنّه لا يفوته سائله -والله أعلم- وأنّه قد أَوْحَى إليه* أنّه لا يَقْبِضُه حتّى يُكمِلِ به الدِّينَ، وُيبَيِّنَ للأُمَّةِ على لسانه ما يُتَوَصَّلُ به إلى معرِفَةِ الأحكامِ، وكذلك فعلَ - صلى الله عليه وسلم -".

الفائدة الثانية (٢) في هذا الحديث:

أنّ أوَّلَ صَلاةِ الصُّبْحِ طلوعُ الفَجْرِ، وأنّ آخِرَ وقتِها ممدودٌ إلى الإسفارِ.

وقوله: "صلَّى الصُّبْحَ حينَ طلعَ الفجرُ" يريدُ بعدَ أنّ طلعَ الفجرُ، ولكنَّه جاءَ باللَّفظِ على المبالغةِ. وكذلك قولهُ: "بَعْدَ أنّ أسْفَرَ" إنّما يريدُ بعد أنّ بدأ الإسفار, لأنّه لو صلَّى بعد جميع الإسفار، لكانت الصّلاةُ عند طلوع الشّمسِ، وإنّما قصدَ من ذلك إلى الإخبار بتقديم الصّلاة في أوّل ما يمكن فعلها فيه، وتأخيرها إلى طلوع الشّمس، وهو آخر ما يمكن فعلها فيه.

الفائدة الثالثة (٣):

في هذا الحديث: بيان أنّه ليس لصلاةِ الصُّبحِ وقتَ ضَرُورةٍ، وأنّ وقتَ الاختيارِ لها متَّصِل بطلوعِ الشّمسِ، وقد. اختلفَ عن مالكٍ في ذلك، فمرَّةَ قال: ليس لها وقت ضرورةٍ (٤) على مقتضى الحديثِ، ومرّةَ قال: لها وقتُ ضرورةٍ.


(١) في التمهيد: ٤/ ٣٣٤.
(٢) الفقرة الأولى من هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ١/ ٤٩ (ط. القاهرة) والباقي مقتبس من المنتقى: ١/ ٧ بتصرف.
(٣) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٧ - ٨.
(٤) وهو الّذي رجّحه المؤلِّف في العارضة: ١/ ٢٦٢ - ٢٦٣ حيث قال: "والصّحيح عن مالك أنّ وقتها يمتدّ إلى طلوع الشمس، ولا وقت ضرورة لها، وما رُوِيَ عنه خلافه لا يصحّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>