للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفتحها. وإذا أسكَتتَ الدَّالَ من قوله: "قدرَه" ونصبتَ الراءَ ونصبت العينَ من "يُعَجِّلُ"، وشدَّدتَ الجِيمَ وباقيهِ كذلكَ، أو قرَأتَهُ بهذَين اللَّفظينِ، وشَدَّدت الدَّالَ من "قَدَّرَه" وفتحت الرَّاءَ، ونَصَبتَ الهمزةَ من "أَنَاه" على أنّهما فعلان لا اسمان، كان معناهُ على هذه الألفاظِ: أنّ الله تعالى لا يُقدِّمُ شيئًا قبل وقتِهِ، ولا يُعَجِّلُ شيئًا قَدَّرَهُ وأخَّرَهُ.

وهذه الرِّوايات كلها ردٌّ على القَدَرِيَّةِ الّذين يقولون: نحن نُعَجِّلُ ونُؤَخِّرُ بأفعالنا، فالمعنى: أنَّه لا يجرِي كلّ شيءٍ إِلَّا على ما سبقَ في عِلمِهِ، لا يتقدّم شيءٌ، ولا يتأخر عن وقته الّذي سبقَ القضاء به.

حديث مالك (١)؛ أنَّه بلغه أنّه كان يقالُ: إِنَّ أَحَدًا لن يَمُوتَ حَتَّى يَستَوفِيَ رزقَهُ، فَأَجمِلُوا في الطَّلَبِ.

الإسناد (٢):

قال الإمام: هذا حديثٌ مُسنَدٌ، معروفٌ محفوظٌ عند أهل العلم بالحديث (٣)، مرويٌّ من طرق كثيرةٍ عن جابر وغيره (٤) قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أَحدَكُم لَن يَمُوتَ حَتَّى يَستَوفِيَ رِزقهُ، فَاتَّقُوا الله وَأَجمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا ما أَحلَّ الله، وَدَعُوا مَا حَرَّمَ الله" (٥)، وقد رُويَ من وجوه مختلفة الألفاظ، والمعنى واحدٌ أخذه أبو العتاهيّة فقال (٦):


(١) في الموطَّأ (٢٦٢٥) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٨٧٩).
(٢) كلامه في الإسناد مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ١١١.
(٣) يقول ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٤/ ٤٣٤ "وهذا لا يكون رأيًا، وإنّما هو توقيف ممّن يجب التسليم له، ولا يدرك بالرأي مثله".
(٤) كحديث أبي أمامة، رواه ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٤/ ٤٣٤، والطبراني في الكبير (٧٦٩٤)، وكحديث أبي حميد الساعدي، الّذي أخرجه ابن عبد البرّ في النمهيد: ٢٤/ ٤٣٥، وابن ماجه (٢١٤٢)، والحاكم: ٢/ ٣، والبيهقي: ٣/ ٢٦٥.
(٥) أخرجه بإسناد صحيح ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٢٦/ ١١١، والتمهد: ٢٤/ ٤٣٤ - ٤٣٥، وابن ماجه (٢١٤٤)، وابن الجارود (٥٥٦)، وابن حبّان (٣٢٣٩، ٣٢٤١)، والحاكم: ٢/ ٤ وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، والبيهقي: ٣/ ٢٦٤، وأبو نعيم: ٣/ ١٥٦.
(٦) في ديوانه: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>