كتاب المسالك في شرح موطأ مالك

كتاب الجامع - ما جاء في المصافحة - ج: 7 - ص: 274

الإسناد: قال الإمام: الحديثُ مُرْسَلٌ (١)، وفي الباب (٢) أحاديث في المصافحة حِسَانٌ، منها:

حديثُ البَرَاءِ، قال: قال رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَا من مُسلِمَينِ يَلتَقِيانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبلَ أنّ يَفتَرِقَا" (٣).

ورُوِيَ عن جماعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - كانوا إذا الْتَقَوا تصافَحُوا.

وقال الأسود وعَلقَمَة: "تمامُ التَّحيةِ المصافحةُ (٤) والمعانقةُ (٥)، وإنَّ ذلك يزيد في المودَّة" (٦).

وأمّا المصافحةُ، فلم يرها مالك (٧)؛ لأنّه لم يسمع بها، والحديثُ لم يصحَّ عنده فيها (٨)، وقد اجتمع مع سفيان بن عُيَيْنَة فصافحه سفيان، وقال له: كذلك صافح النّبيُّ

---

(١) يقول ابن عد البرّ في التمهيد: ٢١/ ١٢ "وهذا يتصل من وجوهٍ شتَّى حسان كلَّها".
(٢) من هنا إلى آخر قول الأسود وعلقمة مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ١٥٣.
(٣) أخرجه أحمد: ٤/ ٢٨٩، ٣٠٣، والترمذي (٢٧٢٧) وقال: "هذا حديث غريب من حديث أبي إسحاق عن البَرَاء" وذكر ابن حجر في تلخيص الحبير: ٤/ ١٧٩ (٢١٨٧) أنّ التّرمذيّ حسّنه، فليحرر. كما أخرجه أبو داود (٥١٧٠)، وابن ماجه (٣٧٠٣)، والبيهقي: ٧/ ٩٩، والبغوي (٣٣٢٦)، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٢١/ ١٣ وحسّنَه.
(٤) انظر قولهما في المنتقي: ٧/ ٢١٦.
(٥) "والمعانقة" زيادة على نصِّ الاستذكار، وجاء في العتبية: ١٨/ ٢٠٥ "سئل [مالك] عن تعانق الرجلين إذا قدم من سفر؟ قال: ما هذا من عمل النَّاس" ويقول ابن رشد في البيان والتحصيل: ١٨/ ٢٠٦ "وإنّما المعلوم من مذهب مالك كراهية المعانقة، ومن أهل العلم من أجازها، منهم ابن عُيَيْنَة. ووجه كراهيتها أنّها لم ترو عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، ولا عن السلف بعده، ولأنّها ممّا تنفر عنها النفس في كلِّ وقت، إذ لا تكون في الغالب إِلَّا لوداع، أو من طول اشتياق"، وانظر الجامع لابن أبي زيد: ٢٢٥.
(٦) الّذي في الاستذكار: "وسئل الحسن البصري عن المصافحة، فقال: تزيد في المودّة".
(٧) جاء في كتاب الجامع لابن أبي زيد: ٢٢٤ - ٢٢٥ "وسئل مالك عن المصافحة، فقال: إنَّ النَّاس ليفعلون ذلك، وأمّا أنا فلا أفعله".
(٨) بل ذهب الباجي في المنتقى: ٧/ ٢١٦ - ٢١٧ إلى أنّه يحتمل أنّ يريد في الحديث المصافحة أنّ يصفح بعضهم عن بعض، من الصَّفح وهو التجاوز والغفران، ويعتبر الباجي أنّ هذا هو الأشبه؛ لأنّ ذلك يُذهب الغلّ في الأغلب. =